Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 54, Ayat: 33-40)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً عن قوم { لُوطٍ } كيف كذبوا رسولهم وخالفوه وارتكبوا المكروه من إتيان الذكور وهي ( الفاحشة ) التي لم يسبقهم بها أحد من العالمين ، ولهذا أهلكهم الله هلاكاً لم يهلكه أمة من الأمم ، فإنه تعالى أمر جبريل عليه السلام فحمل مدائنهم حتى وصل بها إلى عنان السماء ، ثم قلبها عليهم وأرسلها وأتبعت بحجارة من سجيل منضود ، ولهذا قال هٰهنا : { إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً } وهي الحجارة { إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ } أي خرجوا من آخر الليل فنجوا مما أصاب قومهم ، ولم يؤمن بلوط من قومه أحد ، حتى ولا امرأته أصابها ما أصاب قومها ، وخرج نبي الله لوط من بين أظهرهم سالماً لم يمسه سوء ، ولهذا قال تعالى : { كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ * وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا } أي ولقد كان قبل حلول العذاب بهم ، قد أنذرهم بأس الله وعذابه ، فما التفتوا إلى ذلك ولا أصغوا إليه ، بل شكوا فيه وتماروا به { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ } وذلك ليلة ورد عليه الملائكة في صور شباب مرد حسان ، محنة من الله بهم ، فأضافهم لوط عليه السلام ، وبعثت امرأته العجوز السوء إلى قومها ، فأعلمتهم بأضياف لوط فأقبلوا يهرعون إليه من كل مكان ، فأغلق لوط دونهم الباب ، فجعلوا يحاولون كسر الباب ، ولوط عليه السلام يدافعهم ويمانعهم دون أضيافه ، فلما اشتد الحال وأبوا إلاّ الدخول خرج عليهم ( جبريل ) عليه السلام فضرب أعينهم بطرف جناحه ، فانطمست أعينهم ، يقال إنها غارت من وجوههم ، وقيل : إنه لم يبق لهم عيون بالكلية ، فرجعوا على أدبارهم يتحسسون بالحيطان ، ويتوعدون لوطاً عليه السلام إلى الصباح ، قال الله تعالى : { وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ } أي لا محيد لهم عنه ولا انفكاك لهم منه { فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ } .