Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 55, Ayat: 26-30)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى أن جميع أهل الأرض سيذهبون ويموتون أجمعون ، وكذلك أهل السماوات إلاّ من شاء الله ، ولا يبقى أحد سوى وجهه الكريم ، فإن الرب تعالى وتقدس هو الحي الذي لا يموت أبداً ، قال قتادة : أنبأ بما خلق ، ثم أنبأ أن ذلك كله فانٍ ، وفي الدعاء المأثور : " يا حي يا قيوم ، يا بديع السماوات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ، لا إلٰه إلاّ أنت ، برحمتك نستغيث ، أصلح لنا شأننا كله ، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، ولا إلى أحد من خلقك " وقال الشعبي : إذا قرأت : { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ } فلا تسكت حتى تقرأ : { وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ } . وهذه الآية كقوله تعالى : { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } [ القصص : 88 ] ، وقد نعت تعالى وجهه الكريم في هذه الآية الكريمة بأنه ذو الجلال والإكرام ، أي هو أهل أن يُجل فلا يُعصى ، وأن يُطاع فلا يُخالف ، كقوله تعالى : { يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } [ الأنعام : 52 ، الكهف : 28 ] ، وكقوله : { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ ٱللَّهِ } [ الإنسان : 9 ] ، قال ابن عباس : { ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ } ذو العظمة والكبرياء ، ولما أخبر تعالى عن تساوي أهل الأرض كلهم في الوفاة ، وأنهم سيصيرون إلى الدار الآخرة ، فيحكم فيهم ذو الجلال والإكرام بحكمه العدل ، قال : { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } . وقوله تعالى : { يَسْأَلُهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } وهو إخبار عن غناه عما سواه ، وافتقار الخلائق إليه وأنهم يسألونه بلسان حالهم وقالهم ، وأنه كل يوم هو في شأن ، قال الأعمش : من شأنه أن يجيب داعياً أو يعطي سائلاً ، أو يفك عانياً أو يشفي سقيماً ، وقال مجاهد : كل يوم هو يجيب داعياً ويكشف كرباً ، ويجيب مضطراً ، ويغفر ذنباً ، وقال قتادة : لا يستغني عنه أهل السماوات والأرض يحيي حياً ويميت ميتاً ، ويربي صغيراً ويفك أسيراً ، وهو منتهى حاجات الصالحين وصريخهم ومنتهى شكواهم ، وروى ابن جرير عن منيب الأزدي قال : " تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } فقلنا : يا رسول الله وما ذاك الشأن ؟ قال : " أن يغفر ذنباً ، ويفرج كرباً ويرفع قوماً ويضع آخرين " " وقال ابن عباس : إن الله خلق لوحاً محفوظاً من درة بيضاء دفتاه ياقوتة حمراء قلمه نور ، وكتابه نور ، وعرضه ما بين السماء والأرض ، ينظر فيه كل يوم ثلثمائة وستين نظرة ، يخلق في كل نظرة ، ويحيي ويميت ، ويعز ويذل ، ويفعل ما يشاء .