Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 55, Ayat: 54-61)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى : { مُتَّكِئِينَ } ، يعني أهل الجنة ، والمراد بالاتكاء هٰهنا الاضطجاع ، ويقال : الجلوس على صفة التربيع { عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ } وهو ما غلظ من الديباج ، وقيل : هو الديباج المزيّن بالذهب ، فنبه على شرف الظهارة بشرف البطانة ، فهذا من التنبيه بالأدنى على الأعلى ، قال ابن مسعود : هذه البطائن فكيف لو رأيتم الظواهر ؟ قال مالك بن دينار : بطائنها من إستبرق ، وظواهرها من نور ، وقال الثوري : بطائنها من إستبرق وظواهرها من نور جامد ، وقال القاسم بن محمد : بطائنها من إستبرق وظواهرها من الرحمة { وَجَنَى ٱلْجَنَّتَيْنِ دَانٍ } أي ثمرهما قريب إليهم متى شاءوا تناولوه ، على أي صفة كانوا كما قال تعالى : { قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ } [ الحاقة : 23 ] ، وقال : { وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً } [ الإنسان : 14 ] أي لا تمتنع ممن تناولها بل تنحط إليه من أغصانها { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } ولما ذكر الفرش وعظمتها قال بعد ذلك { فِيهِنَّ } أي في الفرش { قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ } أي غضيضات عن غير أزواجهن ، فلا يرين شيئاً في الجنة أحسن من أزواجهن ، وقد ورد أن الواحدة منهن تقول لبعلها : والله ما أرى في الجنة شيئاً أحسن منك ، ولا في الجنة شيئاً أحب إليّ منك ، فالحمد لله الذي جعلك لي وجعلني لك ، { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } أي بل هن أبكار عرب أتراب ، لم يطأهن أحد قبل أزواجهن من الإنس والجن ، وهذه أيضاً من الأدلة على دخول مؤمني الجن الجنة ، سئل ضمرة بن حبيب هل يدخل الجن الجنة ؟ قال : نعم ، وينكحون ، للجن جنيات وللإنس إنسيات ، وذلك قوله : { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ * فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } ، ثم قال ينعتهن للخطاب { كَأَنَّهُنَّ ٱلْيَاقُوتُ وَٱلْمَرْجَانُ } قال مجاهد والحسن : في صفاء الياقوت وبياض المرجان ، فجعلوا المرجان هٰهنا اللؤلؤ ، عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " " إن المرأة من نساء الجنة ليرى بياض ساقها من وراء سبعين حلة من حرير حتى يرى مخها " وذلك قوله تعالى : { كَأَنَّهُنَّ ٱلْيَاقُوتُ وَٱلْمَرْجَانُ } فأما الياقوت فإنه حجر لو أدخلت فيه سلكاً ثم استصفيته لرأيته من ورائه " وروى الإمام أحمد ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " للرجل من أهل الجنة زوجتان من الحور العين ، على كل واحدة سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء الثياب " وعن محمد بن سيرين قال : إما تفاخروا وإما تذاكروا ، الرجال أكثر في الجنة أم النساء ، فقال أبو هريرة : أولم يقل أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : " إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، والتي تليها على ضوء كوكب دري في السماء ، لكل امرىء منهم زوجتان اثنتان يرى مخ ساقهما من وراء اللحم وما في الجنة أعزب ؟ " وروى الإمام أحمد ، عن أنَس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ، ولقاب قوس أحدكم أو موضع قده - يعني سوطه - من الجنة خير من الدنيا وما فيها ، ولو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحاً ولطاب ما بينهما ، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها " . وقوله تعالى : { هَلْ جَزَآءُ ٱلإِحْسَانِ إِلاَّ ٱلإِحْسَانُ } أي ليس لمن أحسن العمل في الدنيا إلا الإحسان إليه في الآخرة كما قال تعالى : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } [ يونس : 26 ] . روى البغوي ، عن أنَس بن مالك قال ، " قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : { هَلْ جَزَآءُ ٱلإِحْسَانِ إِلاَّ ٱلإِحْسَانُ } وقال : " هل تدرون ما قال ربكم ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : " يقول هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة ؟ " " ولما كان في الذي ذكر نعم عظيمة لا يقاومها عمل ، بل مجرد تفضل وامتنان قال بعد ذلك كله : { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } ؟ .