Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 56, Ayat: 41-56)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما ذكر تعالى حال أصحاب اليمين ، عطف عليهم بذكر أصحاب الشمال فقال : { وَأَصْحَابُ ٱلشِّمَالِ مَآ أَصْحَابُ ٱلشِّمَالِ } أي أيُّ شيء هم فيه أصحاب الشمال ؟ ثم فسر ذلك فقال : { فِي سَمُومٍ } وهو الهواء الحار ، { وَحَمِيمٍ } وهو الماء الحار ، { وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ } قال ابن عباس : ظل الدخان ، وهذه كقوله تعالى : { ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ * لاَّ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِي مِنَ ٱللَّهَبِ } [ المرسلات : 30 - 31 ] ولهذا قال هٰهنا : { وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ } وهو الدخان الأسود { لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ } أي ليس طيب الهبوب ، ولا حسن المنظر { وَلاَ كَرِيمٍ } أي ولا كريم المنظر ، وقال الضّحاك : كل شراب ليس بعذب فليس بكريم ، قال ابن جرير : العرب تتبع هذه اللفظة في النفي ، فيقولون : هذا الطعام ليس بطيب ولا كريم ، هذا اللحم ليس بسمين ولا كريم ، ثم ذكر تعالى استحقاقهم لذلك فقال تعالى : { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ } أي كانوا في الدار الدنيا منعمين ، مقبلين على لذات أنفسهم ، { وَكَانُواْ يُصِرُّونَ } أي يقيمون ولا ينوون توبة { عَلَى ٱلْحِنثِ ٱلْعَظِيمِ } ، وهو الكفر بالله ، قال ابن عباس : الحنث العظيم : الشرك ، وقال الشعبي : هو اليمين الغموس { وَكَانُواْ يِقُولُونَ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَ آبَآؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ } يعني أنهم يقولون ذلك مكذبين به مستبعدين لوقوعه ، قال الله تعالى : { قُلْ إِنَّ ٱلأَوَّلِينَ وَٱلآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } أي أخبرهم يا محمد أن الأولين والآخرين من بني آدم سيجمعون إلى عرصات القيامة لا يغادر منهم أحد ، كما قال تعالى : { ذٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ } [ هود : 103 ] ، ولهذا قال هٰهنا : { لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } أي هو موقت بوقت محدود لا يتقدم ولا يتأخر ، ولا يزيد ولا ينقص ، { ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا ٱلضِّآلُّونَ ٱلْمُكَذِّبُونَ * لأَكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ * فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ } ، وذلك أنهم يقبضون ويسجرون حتى يأكلوا من شجر الزقوم حتى يملأوا منهم بطونهم ، { فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ ٱلْهِيمِ } وهي الإبل العطاش واحدها أهيم والأنثى هيماء ، ويقال : هائم وهائمة ، قال ابن عباس ومجاهد : الهيم الإبل العطاش الظماء ، وقال السدي : الهيم داء يأخذ الإبل فلا تروى أبداً حتى تموت ، فكذلك أهل جهنم لا يروون من الحميم أبداً ، ثم قال تعالى : { هَـٰذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ ٱلدِّينِ } أي هذا الذي وصفنا هو ضيافتهم عند ربهم يوم حسابهم ، كما قال تعالى في حق المؤمنين : { كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْفِرْدَوْسِ نُزُلاً } [ الكهف : 107 ] أي ضيافة وكرامة .