Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 22-24)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عن قدره السابق في خلقه قبل أن يبرأ البرية فقال : { مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِيۤ أَنفُسِكُمْ } أي في الآفاق وفي نفوسكم ، { إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ } أي من قبل أن نخلق الخليقة ونبرأ النسمة ، وقال بعضهم : الضمير عائد على النفوس ، وقيل عائد على المصيبة ، والأحسن عوده على الخليقة والبرية لدلالة الكلام عليها ، كما روي عن منصور بن عبد الرحمٰن قال : كنت جالساً مع الحسن فقال رجل : سله عن قوله تعالى : { مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِيۤ أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ } ، فسألته عنها ، فقال : سبحان الله ، ومن يشك في هذا ؟ كل مصيبة بين السماء والأرض ففي كتاب الله من قبل أن يبرأ النسمة ، وقال قتادة { مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي ٱلأَرْضِ } قال : هي السنون يعني الجدب { وَلاَ فِيۤ أَنفُسِكُمْ } يقول : الأوجاع والأمراض ، قال : وبلغنا أنه ليس أحد يصيبه خدش عود ، ولا نكبة قدم ، ولا خلخال عرق إلا بذنب ، وما يعفو الله عنه أكثر . وهذه الآية الكريمة من أدل دليل على القدرية نفاة العلم السابق - قبحهم الله - . روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " قدّر الله المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة " ، وزاد ابن وهب : { وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى ٱلْمَآءِ } [ هود : 7 ] ، وقوله تعالى : { إِنَّ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } أي أن علمه تعالى الأشياء قبل كونها سهل عليه عزّ وجلّ ، لأنه يعلم ما كان وما يكون ، وقوله تعالى : { لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ } أي أعلمناكم بتقدم علمنا وسبق كتابتنا للأشياء قبل كونها ، وتقديرنا الكائنات قبل وجودها لتعلموا أن ما أصابكم لم يكن ليخطئكم وما أخطأكم لم يكن ليصيبكم ، فلا تيأسوا على ما فاتكم { وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ } أي لا تفخروا على الناس بما أنعم الله به عليكم ، فإن ذلك ليس بسعيكم ولا بكدكم ، وإنما هو عن قدر الله ورزقه لكم ، فلا تتخذوا نعم الله أشراً وبطراً تفخرون بها على الناس ، ولهذا قال تعالى : { وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } أي مختال في نفسه متكبر فخور ، أي على غيره ، وقال عكرمة : " ليس أحد إلا وهو يفرح ويحزن ، ولكن اجعلوا الفرح شكراً والحزن صبراً " ، ثم قال تعالى : { ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ } أي يفعلون المنكر ويحضون الناس عليه ، { وَمَن يَتَوَلَّ } أي عن أمر الله وطاعته { فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } ، كما قال : { إِن تَكْفُرُوۤاْ أَنتُمْ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ } [ إبراهيم : 8 ] .