Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 57, Ayat: 25-25)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى : { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِٱلْبَيِّنَاتِ } أي بالمعجزات ، والحجج الباهرات ، والدلائل القاطعات { وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَابَ } وهو النقل الصدق { وَٱلْمِيزَانَ } وهو العدل الذي تشهد به العقول الصحيحة المستقيمة ، المخالفة للآراء السقيمة كما قال تعالى : { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ } [ هود : 17 ] ، وقال تعالى : { فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا } [ الروم : 30 ] ، وقال تعالى : { وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ ٱلْمِيزَانَ } [ الرحمٰن : 7 ] ، ولهذا قال في هذه الآية : { لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلْقِسْطِ } أي بالحق والعدل ، وهو اتباع الرسل فيما أخبروا به ، وطاعتهم فيما أمروا به ، ولهذا يقول المؤمنون إذا تبوأوا غرف الجنات ، والمنازل العاليات ، { ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاۤ أَنْ هَدَانَا ٱللَّهُ لَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ } [ الأعراف : 43 ] ، وقوله تعالى : { وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ } أي وجعلنا الحديد رادعاً لمن أبى الحق وعانده بعد قيام الحجة عليه ، ولهذا أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة توحى إليه السور المكية وكلها جدال مع المشركين ، وبيان إيضاح للتوحيد ، وبينات ودلالات ، فلما قامت الحجة على من خالف ، شرع الله الهجرة ، وأمرهم بالقتال بالسيوف وضرب الرقاب ، وقد روى الإمام أحمد ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري ، ومن تشبه بقوم فهو منهم " ولهذا قال تعالى : { فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ } يعني السلاح كالسيوف والحراب والسنان ونحوها { وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ } أي في معايشهم كالسكة والفأس والمنشار والآلات التي يستعان بها في الحراثة والحياكة والطبخ وغير ذلك ، قال ابن عباس : ثلاثة أشياء نزلت مع آدم : السندان ، والكلبتان ، والميقعة يعني المطرقة ، وقوله تعالى : { وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِٱلْغَيْبِ } أي من نيته في حمل السلاح نصرة الله ورسوله { إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } أي هو قوي عزيز ينصر من نصره من غير احتياج منه إلى الناس ، وإنما شرع الجهاد ليبلو بعضكم ببعض .