Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 122-122)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن الذي كان ميتاً أي في الضلالة هالكاً حائراً ، فأحياه الله ، أي أحيا قلبه بالإيمان وهداه ووفقه لاتباع رسله ، { وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي ٱلنَّاسِ } أي يهتدي كيف يسلك وكيف يتصرف به ، والنور هو القرآن ، كما روي عن ابن عباس ، وقال السدي : الإسلام والكل صحيح ، { كَمَن مَّثَلُهُ فِي ٱلظُّلُمَاتِ } أي الجهالات والأهواء والضلالات المتفرقة { لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا } أي لا يهتدي إلى منفذ ولا مخلص مما هو فيه . وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله خلق خلقه في ظلمة ، ثم رش عليهم من نوره ، فمن أصابه ذلك النور اهتدى ، ومن أخطأه ضل " كما قال تعالى : { ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَاتِ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ البقرة : 257 ] ، وقال تعالى : { أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [ الملك : 22 ] وقال تعالى : { مَثَلُ ٱلْفَرِيقَيْنِ كَٱلأَعْمَىٰ وَٱلأَصَمِّ وَٱلْبَصِيرِ وَٱلسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } [ هود : 24 ] ، وقال تعالى : { وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ * وَلاَ ٱلظُّلُمَاتُ وَلاَ ٱلنُّورُ * وَلاَ ٱلظِّلُّ وَلاَ ٱلْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَحْيَآءُ وَلاَ ٱلأَمْوَاتُ إِنَّ ٱللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي ٱلْقُبُورِ * إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِيرٌ } [ فاطر : 19 - 23 ] ، والآيات في هذه كثيرة ، ووجه المناسبة في ضرب المثلين هٰهنا بالنور والظلمات ما تقدم في أول السورة { وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَاتِ وَٱلنُّورَ } [ الأنعام : 1 ] ، وزعم بعضهم : أن المراد بهذا المثل رجلان معينان ، فقيل عمر بن الخطاب هو الذي كان ميتاً فأحياه الله وجعل له نوراً يمشي به في الناس ، وقيل : عمار بن ياسر ، وأما الذي في الظلمات ليس بخارج منها أبو جهل ( عمرو بن هشام ) لعنه الله . والصحيح أن الآية عامة يدخل فيها كل مؤمن وكافر ، وقوله تعالى : { كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أي حسناً لهم ما كانوا فيه من الجهالة والضلالة قدراً من الله وحكمة بالغة ، لا إلٰه إلاّ هو وحده لا شريك له .