Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 125-125)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى : { فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ } أي ييسره له وينشطه ويسهله لذلك ، فهذه علامات على الخير ، كقوله تعالى : { أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ } [ الزمر : 22 ] الآية ، وقال تعالى : { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ ٱلإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ } [ الحجرات : 7 ] ، وقال ابن عباس معناه يوسع قلبه للتوحيد والإيمان به وهو ظاهر . سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي المؤمنين أكيس ؟ قال : " أكثرهم ذكراً للموت وأكثرهم لما بعده استعداداً " ، وسئل عن هذه الآية : { فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ } قالوا : " كيف يشرح صدره يا رسول الله ؟ قال : " نور يقذف فيه فينشرح له وينفسح " ، وقالوا : فهل لذلك من أمارة يعرف بها ؟ قال : " الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل لقاء الموت " وعن عبد الله بن مسعود قال : " تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : { فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ } قالوا : يا رسول الله ما هذا الشرح ؟ قال : " نور يقذف به في القلب " ، قالوا يا رسول الله فهل لذلك من أمارة تعرف ؟ قال : " نعم " ، قالوا : وما هي قال : " الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل الموت " " . وقوله تعالى : { وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً } حرجاً بفتح الحاء والراء ، وهو الذي لا يتسع لشيء من الهدى ، ولا يخلص إليه شيء من الإيمان ولا ينفذ فيه ، وقد سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلاً من الأعراب من أهل البادية من مدلج عن الحرجة ؟ فقال : هي الشجرة تكون بين الأشجار لا تصل إليها راعية ولا وحشية ولا شيء ، فقال عمر رضي الله عنه : كذلك قلب المنافقين لا يصل إليه شيء من الخير ، وقال ابن عباس : يجعل الله عليه الإسلام ضيقاً والإسلام واسع ، وذلك حين يقول : { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } [ الحج : 78 ] يقول : ما جعل عليكم في الإسلام من ضيق . وقال مجاهد والسدي : { ضَيِّقاً حَرَجاً } شاكاً ، وقال عطاء الخراساني : { ضَيِّقاً حَرَجاً } أي ليس للخير فيه منفذ ، وقال ابن المبارك : { ضَيِّقاً حَرَجاً } بلا إله إلاّ الله حتى لا تستطيع أن تدخل قلبه ، { كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ٱلسَّمَآءِ } من شدة ذلك عليه . وقال سعيد بن جبير : { يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً } لا يجد فيه مسلكاً إلاّ صعد . وقال عطاء الخراساني : { كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ٱلسَّمَآءِ } يقول : مثله كمثل الذي لا يستطيع أن يصعد إلى السماء ، وقال ابن عباس { كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ٱلسَّمَآءِ } يقول : فكما لا يستطيع ابن آدم أن يبلغ السماء فكذلك لا يستطيع أن يدخل التوحيد والإيمان قلبه حتى يدخله الله في قلبه ، وقال الأوزاعي : كيف يستطيع من جعل الله صدره ضيقاً أن يكون مسلماً . وقال ابن جرير : وهذا مثل ضربه الله لقلب هذا الكافر في شدة ضيقه عن وصول الإيمان إليه يقول : فمثله في امتناعه عن قبول الإيمان وضيقه عن وصوله إليه مثل امتناعه عن الصعود إلى السماء وعجزه عنه ، لأنه ليس في وسعه وطاقته ، وقال في قوله : { كَذٰلِكَ يَجْعَلُ ٱللَّهُ ٱلرِّجْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } يقول : كما يجعل الله صدر من أراد إضلاله ضيقاً حرجاً ، كذلك يسلط الله الشيطان عليه وعلى أمثاله ممن أبى الإيمان بالله ورسوله فيغويه ويصده عن سبيل الله ، وقال ابن عباس : { ٱلرِّجْسَ } الشيطان ، وقال مجاهد : { ٱلرِّجْسَ } كل ما لا خير فيه .