Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 22-26)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى مخبراً عن المشركين { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً } يوم القيامة فيسألهم عن الأصنام والأنداد التي كانوا يعبدونها من دونه ، قائلاً لهم : { أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } ، كقوله تعالى في سورة القصص : { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } [ القصص : 62 ، 74 ] ، وقوله تعالى : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ } أي حجتهم { إِلاَّ أَن قَالُواْ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } ، قال ابن عباس : أي حجتهم ، وقال عطاء عنه : أي معذرتهم ، وكذا قال قتادة ، وقال عطاء الخراساني : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ } بليتهم حين ابتلوا { إِلاَّ أَن قَالُواْ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } ، وقال ابن جرير : والصواب : ثم لم يكن قيلهم عند فتنتنا إياهم اعتذاراً عما سلف منهم من الشرك بالله { إِلاَّ أَن قَالُواْ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } ، وقال ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال أتاه رجل . فقال : يا ابن عباس سمعت الله يقول : { وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } قال : أما قوله : { وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } فإنهم رأوا أنه لا يدخل الجنة إلاّ أهل الصلاة ، فقالوا : تعالوا فلنجحد فيجحدون ، فيختم الله على أفواههم ، وتشهد أيديهم وأرجلهم ، ولا يكتمون الله حديثاً ، فهل في قلبك الآن شيء ؟ إنه ليس من القرآن شيء إلاّ ونزل فيه شيء ، ولكن لا تعلمون وجهه ، ولهذا قال في حق هؤلاء : { ٱنظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } ، كقوله : { ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ قَـالُواْ ضَـلُّواْ عَنَّا } [ غافر : 73 - 74 ] الآية ، وقوله : { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِيۤ آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا } : أي يجيئون ليستمعوا قراءتك ولا تجزي عنهم شيئاً لأن الله جعل { عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً } أي أغطية لئلا يفقهوا القرآن ، { وَفِيۤ آذَانِهِمْ وَقْراً } أي صمماً عن السماع النافع لهم . كما قال تعالى : { وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً } [ البقرة : 171 ] الآية . وقوله تعالى : { وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا } أي مهما رأوا من الآيات والدلالات والحجج البينات والبراهين لا يؤمنوا بها ، فلا فهم عندهم ولا إنصاف ، كقوله تعالى : { وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ } [ الأنفال : 23 ] الآية . وقوله تعالى : { حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوكَ يُجَادِلُونَكَ } أي يحاجونك ويناظرونك في الحق بالباطل ، { يَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } أي ما هذا الذي جئت به إلاّ مأخوذ من كتب الأوائل ومنقول عنهم . وقوله : { وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ } في معنى ينهون عنه قولان ، ( أحدهما ) : أن المراد أنهم ينهون الناس عن اتباع الحق وتصديق الرسول والانقياد للقرآن { وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ } أي ويبعدون هم عنه فيجمعون بين الفعلين القبيحين لا ينتفعون ولا يدعون أحداً ينتفع . قال ابن عباس : { وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ } يردون الناس عن محمد صلى الله عليه وسلم أن يؤمنوا به . وقال محمد بن الحنفية : كان كفار قريش لا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم وينهون عنه ، وهذا القول أظهر وهو اختيار ابن جرير . ( والقول الثاني ) : رواه سفيان عن ابن عباس قال : نزلت في أبي طالب ، كان ينهى الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤذي ، وقال سعيد بن أبي هلال : نزلت في عمومة النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا عشرة ، فكانوا أشد الناس معه في العلانية وأشد الناس عليه في السر . وقال محمد بن كعب القرظي : { وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ } أي ينهون الناس عن قتله . وقوله : { وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ } أي يتباعدون منه ، { وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ } أي وما يهلكون بهذا الصنيع ولا يعود وباله إلاّ عليهم وهم لا يشعرون .