Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 17-21)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً : أنه مالك الضر والنفع ، وأنه المتصرف في خلقه بما يشاء لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه ، { وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ } ، كقوله تعالى : { مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ } [ فاطر : 2 ] الآية . وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد " ولهذا قال تعالى : { وَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } : أي هو الذي خضعت له الرقاب ، وذلت له الجبابرة ، وعنت له الوجوه ، وقهر كل شيء ، ودانت له الخلائق ، وتواضعت لعظمة جلاله وكبريائه وعظمته وعلوه وقدرته على الأشياء ، واستكانت وتضاءلت بين يديه وتحت قهره وحكمه ، { وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ } : أي في جميع أفعاله ، { ٱلْخَبِيرُ } بمواضع الأشياء ومحالها فلا يعطي إلاّ من يستحق ، ولا يمنع إلاّ من يستحق . ثم قال : { قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً } أي من أعظم الأشياء شهادة ، { قُلِ ٱللَّهُ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ } أي هو العالم بما جئتكم به وما أنتم قائلون لي { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ } أي وهو نذير لكل من بلغه ، كقوله تعالى : { وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ } [ هود : 17 ] ، قال ابن أبي حاتم عن محمد ابن كعب في قوله : { وَمَن بَلَغَ } ومن بلغه القرآن ، فكأنما رأى النبي صلى الله عليه وسلم . وروى ابن جرير عن محمد بن كعب قال : من بلغه القرآن فقد أبلغه محمد صلى الله عليه وسلم . وقال عبد الرزاق عن قتادة في قوله تعالى : { لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ } إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " بلغوا عن الله فمن بلغته آية من كتاب الله فقد بلغه أمر الله " ، وقال الربيع بن أنس : حق على من اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو كالذي دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن ينذر بالذي أنذر . وقوله : { أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ } أيها المشركون { أَنَّ مَعَ ٱللَّهِ آلِهَةً أُخْرَىٰ قُل لاَّ أَشْهَدُ } كقوله : { فَإِن شَهِدُواْ فَلاَ تَشْهَدْ مَعَهُمْ } [ الأنعام : 150 ] ، { قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } ، ثم قال تعالى مخبراً عن أهل الكتاب أنهم يعرفون هذا الذي جئتهم به كما يعرفون أبناءهم بما عندهم من الأخبار والأنباء عن المرسلين المتقدمين والأنبياء ، فإن الرسل كلهم بشروا بوجود محمد صلى الله عليه وسلم ونعته وصفته وبلده ومهاجره وصفة أمته ، ولهذا قال بعده : { ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ } أي خسروا كل الخسارة ، { فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } بهذا الأمر الجلي الظاهر الذي بشرت به الأنبياء ونوهت به في قديم الزمان وحديثه ، ثم قال : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ } : أي لا أظلم ممن تقوّل على الله فادعى أن الله أرسله ولم يكن أرسله ، ثم لا أظلم ممن كذب بآيات الله وحججه وبراهينه ودلالاته { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ } أي لا يفلح هذا ولا هذا ، لا المفتري ولا المكذب .