Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 7-11)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً عن المشركين وعنادهم ومكابرتهم للحق ومباهاتهم ومنازعتهم فيه ، { وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ } أي عاينوه ورأوا نزوله وباشروا ذلك ، { لَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } ، وهذا كما قال تعالى مخبراً عن مكابرتهم للمحسوسات ، { وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ ٱلسَّمَاءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ } [ الحجر : 14 - 15 ] ، وكقوله تعالى : { وَإِن يَرَوْاْ كِسْفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ سَاقِطاً يَقُولُواْ سَحَابٌ مَّرْكُومٌ } [ الطور : 44 ] ، { وَقَالُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ } أي ليكون معه نذيراً ، قال الله تعالى : { وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ ٱلأَمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ } أي لو نزلت الملائكة على ما هم عليه لجاءهم من الله العذاب ، كما قال الله تعالى : { مَا نُنَزِّلُ ٱلْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَا كَانُواْ إِذاً مُّنظَرِينَ } [ الحجر : 8 ] ، وقوله : { يَوْمَ يَرَوْنَ ٱلْمَلاَئِكَةَ لاَ بُشْرَىٰ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ } [ الفرقان : 22 ] الآية ، وقوله تعالى : { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ } أي ولو أنزلنا مع الرسول البشري ملكاً ، أي لو بعثنا إلى البشر رسولاً ملكياً ، لكان على هيئة الرجل ليمكنهم مخاطبته والانتفاع بالأخذ عنه ، ولو كان كذلك لالتبس عليهم الأمر كما هم يلبسون على أنفسهم في قبول رسالة البشريّ ، كقوله تعالى : { قُل لَوْ كَانَ فِي ٱلأَرْضِ مَلاۤئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكاً رَّسُولاً } [ الإسراء : 95 ] ، فمن رحمته تعالى بخلقه أنه يرسل إلى كل صنف من الخلائق رسلاً منهم ليدعو بعضهم بعضاً ، وليمكن بعضهم أن ينتفع ببعض في المخاطبة والسؤال ، كما قال تعالى : { لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ } [ آل عمران : 164 ] الآية . قال الضحاك عن ابن عباس في الآية يقول : لو أتاهم ملك ما أتاهم إلاّ في صورة رجل لأنهم لا يستطيعون النظر إلى الملائكة من النور . { وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ } أي ولخلطنا عليهم ما يخلطون . وقيل : ولشبهنا عليهم وقوله : { وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } هذه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم في تكذيب من كذبه من قومه . ووعد له وللمؤمنين به بالنصرة والعاقبة الحسنة في الدنيا والآخرة ، ثم قال تعالى : { قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ ثُمَّ ٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ } أي فكروا في أنفسكم ، وانظروا ما أحل الله بالقرون الماضية الذين كذبوا رسله وعاندوهم من العذاب والنكال ، والعقوبة في الدنيا مع ما أدخر لهم من العذاب الأليم في الآخرة وكيف نجَّى رسله وعباده المؤمنين .