Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 12-16)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى أنه مالك السماوات والأرض وما فيهما ، وأنه قد كتب على نفسه المقدسة الرحمة ، كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله لما خلق الخلق كتب كتاباً عنده فوق العرش : إن رحمتي تغلب غضبي " ، وقوله : { لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ } هذه اللام هي الموطئة للقسم ، فأقسم بنفسه الكريمة ليجمعن عباده { إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } [ الواقعة : 50 ] وهو يوم القيامة الذي لا ريب فيه أي لا شك عند عباده المؤمنين ، فأما الجاحدون المكذبون فهم في ريبهم يترددون . عن ابن عباس قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوقوف بين يدي رب العالمين هل فيه ماء ؟ قال : " والذي نفسي بيده إن فيه لماء ، إن أولياء الله ليردون حياض الأنبياء ، ويبعث الله تعالى سبعين ألف ملك في أيديهم عصي من نار يذودون الكفار عن حياض الأنبياء " هذا حديث غريب ، وفي الترمذي : " إن لكل نبي حوضاً وأرجو أن أكون أكثرهم واردة " وقوله : { ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ } أي يوم القيامة { فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } أي لا يصدقون بالمعاد ولا يخافون شر ذلك اليوم ، ثم قال تعالى : { وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } أي كل دابة في السماوات والأرض ، الجميع عباده وخلقه وتحت قهره وتصرفه وتدبيره . لا إله إلاّ هو { وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } أي السميع لأقوال عباده ، العليم بحركاتهم وضمائرهم وسرائرهم ، ثم قال تعالى لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم الذي بعثه بالتوحيد العظيم وبالشرع القويم ، وأمره أن يدعو الناس إلى صراط الله المستقيم : { قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } ، كقوله : { قُلْ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَأْمُرُونِّيۤ أَعْبُدُ أَيُّهَا ٱلْجَاهِلُونَ } [ الزمر : 64 ] والمعنى : لا أتخذ ولياً إلاّ الله وحده لا شريك له فإنه فاطر السماوات والأرض أي خالقهما ومبدعهما على غير مثال سبق . { وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ } أي وهو الرزاق لخلقه من غير احتياج إليهم . كما قال تعالى : { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } [ الذاريات : 56 ] الآية ، وقرأ بعضهم { وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ } : أي لا يأكل . وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : دعا رجل من الأنصار من أهل قباء النبي صلى الله عليه وسلم على طعام ، فانطلقنا معه فلما طعم النبي صلى الله عليه وسلم وغسل يديه قال : " الحمد لله الذي يطعم ولا يطعم . ومنَّ علينا فهدانا وأطعمنا وسقانا من الشراب . وكسانا من العري . وكل بلاء حسن أبلانا . الحمد لله غير مودع ربي ولا مكفي ولا مكفور ولا مستغنى عنه . الحمد لله الذي أطعمنا من الطعام وسقانا من الشراب ، وكسانا من العري ، وهدانا من الضلال . وبصرنا من العمى ، وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً . الحمد لله رب العالمين " { قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ } أي من هذه الأمة ، { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكَينَ * قُلْ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } يعني يوم القيامة { مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ } أي العذاب { يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ } يعني فقد رحمه الله { وَذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْمُبِينُ } ، كقوله : { فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ } [ آل عمران : 185 ] والفوز حصول الربح ونفي الخسارة .