Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 91-92)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الله تعالى : وما عظموا حق تعظيمه إذ كذبوا رسله إليهم . قال ابن عباس ومجاهد : نزلت في قريش ، واختاره ابن جرير ، وقيل : نزلت في طائفة من اليهود . وقيل : في فنحاص رجل منهم . وقيل : في مالك بن الصيف { إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ } ، والأول أصح ، لأن الآية مكية واليهود لا ينكرون إنزال الكتب من السماء ، وقريش والعرب قاطبة كانوا ينكرون إرسال محمد صلى الله عليه وسلم لأنه من البشر ، كما قال : { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ ٱلنَّاسَ } [ يونس : 2 ] ، وكقوله تعالى : { وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً } [ الإسراء : 94 ] ، وقال ها هنا : { وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ } ، قال الله تعالى : { قُلْ مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَابَ ٱلَّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىٰ نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ } أي قل يا محمد لهؤلاء المنكرين لإنزال شيء من الكتب من عند الله في جواب سلبهم العام بإثبات قضية جزئية موجبة { مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَابَ ٱلَّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىٰ } وهو التوراة التي قد علمتم وكل أحد أن الله قد أنزلها على موسى بن عمران { نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ } أي ليستضاء بها في كشف المشكلات ويهتدى بها من ظلم الشبهات ، وقوله : { تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً } أي تجعلون جملتها قراطيس ، أي قطعاً تكتبونها من الكتاب الأصلي الذي بأيديكم ، وتحرفون منها ما تحرفون ، وتبدلون وتتأولون وتقولون : هذا من عند الله أي في كتابه المنزل وما هو من عند الله ، ولهذا قال : { تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً } . وقوله تعالى : { وَعُلِّمْتُمْ مَّا لَمْ تَعْلَمُوۤاْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ } أي ومن أنزل القرآن الذي علمكم الله فيه من خبر ما سبق ، ونبأ ما يأتي ما لم تكونوا تعلمون ذلك لا أنتم ولا آباؤكم ، وقد قال قتادة : هؤلاء مشركو العرب ، وقال مجاهد : هذه للمسلمين . وقوله تعالى : { قُلِ ٱللَّهُ } ، قال ابن عباس : أي قل الله أنزله ، وهذا الذي قاله ابن عباس هو المتعين في تفسير هذه الكلمة ، لا ما قاله بعض المتأخرين من أن معنى { قُلِ ٱللَّهُ } أي لا يكون خطابك لهم إلاّ هذه الكلمة كلمة " الله " ، وهذا الذي قاله هذا القائل يكون أمراً بكلمة مفردة من غير تركيب ، والإتيان بكلمة مفردة لا يفيد في لغة العرب فائدة يحسن السكوت عليها . وقوله : { ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ } أي ثم دعهم في جهلهم وضلالهم يلعبون حتى يأتيهم من الله اليقين ، فسوف يعلمون ألهم العاقبة أم لعباد الله المتقين ؟ وقوله : { وَهَـٰذَا كِتَابٌ } يعني القرآن { أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ } يعني مكة { وَمَنْ حَوْلَهَا } من أحياء العرب ومن سائر طوائف بني آدم من عرب وعجم ، كما قال في الآية الأخرى : { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً } [ الأعراف : 158 ] ، وقال : { لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ } [ الأنعام : 19 ] ، وقال : { وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ } [ هود : 17 ] ، وقال : { تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً } [ الفرقان : 1 ] ، وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي " وذكر منهن : " وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة " ، ولهذا قال : { وَٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ } أي كل من آمن بالله واليوم الآخر يؤمن بهذا الكتاب المبارك الذي أنزلناه إليك يا محمد وهو القرآن ، { وَهُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ } أي يقيمون بما فرض عليهم من أداء الصلوات في أوقاتها .