Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 60, Ayat: 12-12)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
روى البخاري ، عن عروة أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ } إلى قوله { غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ، قال عروة ، قالت عائشة : " فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قد بايعتك " كلاماً ، ولا والله ما مست يده يد امرأة في المبايعة قط ، ما يبايعهن إلاّ بقوله : " قد بايعتك على ذلك " " هذا لفظ البخاري . وروى الإمام أحمد ، عن أُميمة بنت رقيقة قالت : " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نساء لنبايعه ، فأخذ علينا ما في القرآن { أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْئاً } الآية ، وقال : " فيما استطعتن وأطقتن " ، قلنا الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا ، قلنا : يا رسول الله ألا تصافحنا ؟ قال : " إني لا أصافح النساء إنما قولي لامرأة واحدة قولي لمائة امرأة " " وعن ( سلمى بنت قيس ) - وكانت إحدى خالات رسول الله صلى الله عليه وسلم - وقد صلت معه القبلتين ، قالت : " جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم . نبايعه في نسوة من الأنصار ، فلما شرط علينا ألا نشرك بالله شيئاً ولا نسرق ولا نزني ، ولا نقتل أولادنا ، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ، ولا نعصيه ، في معروف ، قال : " ولا تغششن أزواجكن " قالت : فبايعناه ، ثم انصرفنا ، فقلت لامرأة منهن : ارجعي فسلي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما غش أزواجنا ؟ قال ، فسألته فقال : " تأخذ ماله فتحابي به غيره " وقال الإمام أحمد ، عن عائشة بنت قدامة - يعني ابن مظعون - قالت : " أنا مع أمي رائطة ابنة سفيان الخزاعية والنبي صلى الله عليه وسلم يبايع النسوة ويقول : " أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئاً ، ولا تسرقن ولا تزنين ولا تقتلن أولادكن ، ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن ، ولا تعصينني في معروف قلن نعم فيما استطعتن " فكن يقلن وأقول معهن وأمي تقول لي : أي بنية نعم ، فكنت أقول كما يقلن " وقال البخاري ، عن أُم عطية قالت : " بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ علينا { أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْئاً } ، ونهانا عن النياحة فقبضت امرأة يدها ، قالت : أسعدتني فلانة ، فأريد أن أجزيها ، فما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً ، فانطلقت ورجعت فبايعها " ، وفي رواية : " فما وفى منهن امرأة غيرها وغير أم سليم ابنة ملحان " . وقد كان رسول الله صلى الله عليه سلم يتعاهد النساء بهذه البيعة يوم العيد ، كما روى البخاري ، عن ابن عباس ، قال : " شهدت الصلاة يوم الفطر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان ، فكلهم يصليها قبل الخطبة ثم يخطب بعد ، فنزل نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فكأني أنظر إليه حين يجلس الرجل بيده ، ثم أقبل يشقهم حتى أتى النساء مع بلال فقال : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْئاً وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَٰنٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ } حتى فرغ من الآية كلها ، ثم قال حين فرغ : " أنتن على ذلك ؟ " ، فقالت امرأة واحدة ولم يجبه غيرها : نعم يا رسول الله ، لا يدري حسن من هي ، قال : فتصدقن ، قال : وبسط بلال ثوبه ، فجعلن يلقين الفتخ والخواتيم في ثوب بلال . وعن عبادة بن الصامت قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس فقال : " تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم - قرأ الآية التي أخذت على النساء إذا جاءك المؤمنات - فمن وفى منكم فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به فهو كفارة له ، ومن أصاب من ذلك شيئاً فستره الله عليه فهو إلى الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه " وقد روى ابن جرير ، عن ابن عباس " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب فقال : " قل لهن إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئاً " وكانت ( هند بنت عتبة بن ربيعة ) التي شقت بطن حمزة متنكرة في النساء ، فقالت هند وهي متنكرة : كيف تقبل من النساء شيئاً لم تقبله من الرجال ؟ فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لعمر : " قل لهن : " ولا يسرقن " ، قالت هند : والله إني لأصيب من أبي سفيان الهنات ما أدري أيحلهن لي أم لا ، قال أبو سفيان : ما أصبت من شيء مضى أو قد بقي فهو لك حلال ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعرفها ، فقال : " ولا يزنين " ، فقالت : يا رسول الله وهل تزني امرأة حرة ، قال : " لا والله ما تزني الحرة " قال : " ولا يقتلن أولادهن " ، قالت هند : أنت قتلتهم يوم بدر فأنت وهم أبصر ، قال : { وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَٰنٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ } قال : { وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ } قال : منعهن أن ينحن ، وكان أهل الجاهلية يمزقن الثياب ، ويخدشن الوجوه ، ويقطعن الشعور ، ويدعون بالويل والثبور " ، وقال مقاتل بن حيان : " أنزلت هذه الآية يوم الفتح ، بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال على الصفا ، وعمر بايع النساء يحلفهن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر بقيته كما تقدم ، وزاد : فلما قال : " ولا تقتلن أولادكن " قالت هند : ربيناهم صغاراً فقتلتموهم كباراً ، فضحك عمر بن الخطاب حتى استلقى " . فقوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ } أي من جاءك منهن يبايع على هذه الشروط فبايعها ، على أن لا يشركن بالله شيئاً ، ولا يسرقن أموال الناس الأجانب ، وقوله تعالى : { وَلاَ يَزْنِينَ } كقوله تعالى : { وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً } [ الإسراء : 32 ] . وقال الإمام أحمد ، عن عروة عن عائشة قالت : " جاءت ( فاطمة بنت عتبة ) تبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ عليها { أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْئاً وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ } الآية قال : فوضعت يدها على رأسها حياءً ، فأعجبه ما رأى منها ، فقالت عائشة : أقرّي أيتها المرأة ، فوالله ما بايعنا إلاّ على هذا ، قالت : فنعم إذاً ، فبايعها بالآية " ، وقوله تعالى : { وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ } وهذا يشمل قتله بعد وجوده ، كما كان أهل الجاهلية يقتلون أولادهم خشية الإملاق ، ويعم قتله وهو جنين ، كما قد يفعله بعض الجهلة من النساء ، تطرح نفسها لئلا تحبل إما لغرض فاسد أو ما أشبهه ، وقوله تعالى : { وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَٰنٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ } ، قال ابن عباس : يعني لا يلحقن بأزواجهن غير أولادهم ويؤيد هذا الحديث الذي رواه أبو داود ، عن أبي هريرة " أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين نزلت آية الملاعنة : " أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الله الجنة ، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين " " . وقوله تعالى : { وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ } يعني فيما أمرتهن به من معروف ، ونهيتهن عنه من منكر ، عن ابن عباس قال : إنما هو شرط شرطه الله للنساء ، وقال ابن زيد : أمر الله بطاعة رسوله وهو خيرة الله من خلقه في المعروف ، وقد قال غير واحد : نهاهن يومئذٍ عن النوح ، وعن الحسن قال كان فيما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم ، ألا تحدثن الرجال إلاّ أن تكون ذات محرم ، فإن الرجل لا يزال يحدث المرأة حتى يمذي بين فخذيه ، وقال ابن جرير ، عن أم عطية الأنصارية قالت : " كان فيما اشترط علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من المعروف حين بايعناه أن لا ننوح ، فقالت امرأة من بني فلان : إن بني فلان أسعدوني ، فلا حتى أجزيهم ، فانطلقت فأسعدتهم ، ثم جاءت فبايعت ، قالت : فما وفى منهن غيرها وغير أم سليم ابنة ملحان أم أنَس بن مالك " وعن امرأة من المبايعات قالت : " كان فيما أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا نعصيه في معروف أن لا نخمش وجهاً ، ولا ننشر شعراً ، ولا نشق جيباً ولا ندعو ويلاً " وروى ابن جرير عن أم عطية قالت : " لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع نساء الأنصار في بيت ، ثم أرسل إلينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقام على الباب وسلم علينا فرددن ، أو فرددنا عليه السلام ثم قال : أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكن ، فقالت ، فقلنا : مرحباً برسول الله وبرسول رسول الله ، فقال : تبايعن على أن لا تشركن بالله شيئاً ولا تسرقن ولا تزنين : قالت : فقلنا : نعم ، قالت ، فمد يده من خارج الباب أو البيت ومددنا أيدينا من داخل البيت ثم قال : اللهم اشهد ، قالت : وأمرنا في العيدين أن نخرج فيه الحيض والعواتق ولا جمعة علينا ، ونهى عن اتباع الجنائز " ، قال إسماعيل : فسألت جدتي عن قوله تعالى : { وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ } قالت : النياحة . وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية " وعن أم سلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى : { وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ } ، قال : النوح .