Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 61, Ayat: 14-14)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى آمراً عباده المؤمنين ، أن يكونوا أنصار الله في جميع أحوالهم ، بأقوالهم وأفعالهم وأنفسهم وأموالهم ، وأن يستجيبوا لله ولرسوله كما استجاب الحواريون لعيسى ، حين قال : { مَنْ أَنَّصَارِيۤ إِلَى ٱللَّهِ } أي من معيني في الدعوة إلى الله عزّ وجلّ ، { قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ } وهم أتباع عيسى عليه السلام { نَحْنُ أَنصَارُ ٱللَّهِ } أي نحن أنصارك على ما أرسلت به ، وموازروك على ذلك ، وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في أيام الحج : " من رجل يؤويني حتى أبلغ رسالة ربي ، فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ رسالة ربي " حتى قيض الله عزّ وجلّ له الأوس والخزرج من أهل المدينة ، فبايعوه ووازروه وشارطوه أن يمنعوه من الأسود والأحمر إن هو هاجر إليهم ، فلما هاجر إليهم بمن معه من أصحابه ، وفوا له بما عاهدوا الله عليه ، ولهذا سماهم الله ورسوله ( الأنصار ) وصار ذلك علماً عليهم رضي الله عنهم وأرضاهم . وقوله تعالى : { فَآمَنَت طَّآئِفَةٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّآئِفَةٌ } أي لما بلغ عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام رسالة ربه إلى قومه ، ووازره من وازره من الحواريين ، اهتدت طائفة من بني إسرائيل بما جاءهم به وضلت طائفة ، فخرجت عما جاءهم به ، وجحدوا نبوته ورموه وأمه بالعظائم ، وهم اليهود عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة ، وغلت فيه طائفة ممن اتبعه حتى رفعوه فوق ما أعطاه الله من النبوة وافترقوا فرقاً وشيعاً ، فمن قائل منهم : إنه ابن الله ، وقائل : إنه ثالث ثلاثة ( الأب والابن وروح القدس ) ومن قائل : إنه الله ، وكل هذه الأقوال مفصلة في صورة النساء . وقوله تعالى : { فَأَيَّدْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ } أي نصرناهم على من عاداهم من فرق النصارى { فَأَصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ } أي عليهم وذلك ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم . قال ابن عباس : { فَآمَنَت طَّآئِفَةٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّآئِفَةٌ } يعني الطائفة التي كفرت من بني إسرائيل في زمن عيسى ، والطائفة التي آمنت في زمن عيسى { فَأَيَّدْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ } بإظهار محمد صلى الله عليه وسلم دينهم على دين الكفار ، فأُمّة محمد صلى الله عليه وسلم لا يزالون ظاهرين على الحق حتى يأتي أمر الله وهم كذلك ، وحتى يقاتل آخرهم الدجال مع المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام كما وردت بذلك الأحاديث الصحاح ، والله أعلم .