Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 63, Ayat: 1-4)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى مخبراً عن المنافقين ، أنهم إنما يتفوهون بالإسلام ظاهراً فأما في باطن الأمر فليسوا كذلك بل على الضد من ذلك ، ولهذا قال تعالى : { إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُنَافِقُونَ قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِ } أي إذا حضروا عندك واجهوك بذلك ، وأظهروا لك ذلك ، وليس كما يقولون ولهذا اعترض بجملة مخبرة أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ } . ثم قال تعالى : { وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ } أي فيما أخبروا به لأنهم لم يكونوا يعتقدون صحة ما يقولون ولا صدقه ، ولهذا كذّبهم بالنسبة إلى اعتقادهم ، وقوله تعالى : { ٱتَّخَذُوۤاْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي اتقوا الناس بالأيمان الكاذبة ليصدقوا فيما يقولون فاغتر بهم من لا يعرف جلية أمرهم ، فاعتقدوا أنهم مسلمون ، وهم من شأنهم أنهم كانوا في الباطن لا يألون الإسلام وأهله خبالاً ، فحصل بهذا القدر ضرر كبير على كثير من الناس ، ولهذا قال تعالى : { فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، وقوله تعالى : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُواّ ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ } أي إنما قدر عليهم النفاق لرجوعهم عن الإيمان إلى الكفران ، واستبدالهم الضلالة بالهدى ، { فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ } أي فلا يصل إلى قلوبهم هدى ، ولا يخلص إليها خير فلا تعي ولا تهتدي . وقوله تعالى : { وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ } أي وكانوا أشكالاً حسنة وذوي فصاحة وألسنة ، وإذا سمعهم السامع يصغي إلى قولهم لبلاغتهم ، وهم مع ذلك في غاية الضعف والخور والهلع والجزع ، ولهذا قال تعالى : { يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ } أي كلما وقع أمر أو خوف ، يعتقدون لجبنهم أنه نازل بهم ، كما قال تعالى : { فَإِذَا جَآءَ ٱلْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَٱلَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ } [ الأحزاب : 19 ] فهم جهامات وصور بلا معاني ، ولهذا قال تعالى : { هُمُ ٱلْعَدُوُّ فَٱحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } أي كيف يصرفون عن الهدى إلى الضلال ، وفي الحديث : " إن للمنافقين علامات يعرفون بها : تحيتهم لعنة ، وطعامهم نهبة ، وغنيمتهم غلول ، ولا يقربون المساجد إلا هجراً ، ولا يأتون الصلاة إلا دبراً ، مستكبرين ، لا يألفون ولا يؤلفون ، خشب بالليل ، صُخب بالنهار " .