Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 63, Ayat: 5-8)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً عن المنافقين عليهم لعائن الله أنهم { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوْاْ رُءُوسَهُمْ } أي صدوا وأعرضوا عما قيل لهم استكباراً عن ذلك واحتقاراً لما قيل لهم ، ولهذا قال تعالى : { وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ } ثم جازاهم على ذلك فقال تعالى : { سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَـٰسِقِينَ } . عن سفيان { لَوَّوْاْ رُءُوسَهُمْ } حوّل سفيان وجهه على يمينه ، ونظر بعينه شزراً ، ثم قال : هو هذا ، وقد ذكر غير واحد من السلف أن هذا السياق كله نزل في ( عبد الله بن أبي سلول ) كما سنورده قريباً إن شاء الله تعالى . قال قتادة والسدي : " أنزلت هذه الآية في عبد الله بن أُبي ، وذلك أن غلاماً من قرابته انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحدثه بحديث عنه وأمر شديد ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يحلف بالله ويتبرأ من ذلك ، وأقبلت الأنصار على ذلك الغلام فلاموه وعزلوه وأنزل الله فيه ما تسمعون ، وقيل لعدو الله : لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعل يلوي رأسه ، أي لست فاعلاً " . وقال أبو إسحاق في قصة بني المصطلق : " فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقيم هناك اقتتل على الماء ( جهجاه بن سعيد الغفاري ) وكان أجيراً لعمر بن الخطاب و ( سنان بن يزيد ) ، فقال سنان : يا معشر الأنصار ، وقال الجهجاه : يا معشر المهاجرين ، وزيد بن أرقم ونفر من الأنصار عند ( عبد الله بن أُبي ) فلما سمعها قال : قد ثاورونا في بلادنا والله ما مثلنا وجلابيب قريش هذه إلا كما قال القائل : سمّن كلبك يأكلك ، والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، ثم أقبل على من عنده من قومه ، وقال : هذا ما صنعتم بأنفسكم أحللتموهم بلادكم ، وقاسمتموهم أموالكم ، أما والله لو كففتم عنهم لتحولوا عنكم من بلادكم إلى غيرها ، فسمعها ( زيد بن أرقم ) رضي الله عنه فذهب بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو غليم عنده عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فأخبره الخبر ، فقال عمر رضي الله عنه : يا رسول الله ! مر عباد من بشر فليضرب عنقه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فكيف إذا تحدث الناس يا عمر أن محمداً يقتل أصحابه ، لا ، ولكن ناد يا عمر : الرحيل " ، فلما بلغ عبد الله بن أُبي أن ذلك قد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أتاه فاعتذر إليه ، وحلف بالله ما قال ، ما قال عليه ( زيد بن أرقم ) وكان عند قومه بمكان ، فقالوا : يا رسول الله عسى أن يكون هذا الغلام أوهم ولم يثبت ما قال الرجل ، وراح رسول الله صلى الله عليه وسلم مهجراً في ساعة كان لا يروح فيها ، فلقيه ( أسيد بن الحضير ) رضي الله عنه ، فسلم عليه بتحية النبوة ، ثم قال : والله لقد رحت في ساعة مبكرة ما كنت تروح فيها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما بلغك ما قال صاحبك ابن أُبي ؟ زعم أنه إذا قدم المدينة سيخرج الأعز منها الأذل " ، قال : فأنت يا رسول الله العزيز وهو الذليل ، ثم قال : ارفق به يا رسول الله ، فوالله لقد جاء الله بك ، وإنا لننظم له الخرز لنتوجه ، فإنه ليرى أن قد سلبته ملكاً ، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس حتى أمسوا وليلته حتى أصبحوا ، وصدر يومه حتى اشتد الضحى ، ثم نزل بالناس ليشغلهم عما كان من الحديث ، فلم يأمن الناس أن وجدوا مس الأرض فناموا " ، ونزلت سورة المنافقين ، وقال الحافظ أبو بكر البيهقي ، عن جابر بن عبد الله يقول : " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجُلاً من الأنصار ، فقال الأنصاري : يا للأنصار ، وقال المهاجري : يا للمهاجرين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بال دعوى الجاهلية ؟ دعوها فإنها منتنة " ، وقال ( عبد الله بن أُبي بن سلول ) وقد فعلوها : والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، قال جابر : وكان الأنصار بالمدينة أكثر من المهاجرين حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم كثر المهاجرون بعد ذلك ، فقال عمر : دعني أضرب عنق هذا المنافق ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " دعه لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه " " وروى الإمام أحمد ، عن زيد بن أرقم قال : " كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فقال عبد الله بن أُبي : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل . قال : فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته قال ، فحلف عبد الله بن أُبي أنه لم يكن شيء من ذلك ، قال : فلامني قومي وقالوا : ما أردت إلى هذا ؟ قال ، فانطلقت فنمت كئيباً حزيناً ، قال : فأرسل إليَّ نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال : " إن الله قد أنزل عذرك وصدقك " ، قال : فنزلت هذه الآية : { هُمُ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْ } حتى بلغ { لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ ٱلأَعَزُّ مِنْهَا ٱلأَذَلَّ } " . طريق أُخْرَى : قال الإمام أحمد رحمه الله ، عن زيد بن أرقم قال : " خرجت مع عمي في غزاة فسمعت عبد الله بن أُبي بن سلول يقول لأصحابه : لا تنفقوا على من عند رسول الله ، ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، فذكرت ذلك لعمي ، فذكره عمي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأرسل إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثته ، فأرسل إلى عبد الله بن أُبي بن سلول وأصحابه ، فحلفوا بالله ما قالوا ، فكذّبني رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدَّقه ، فأصابني هم لم يصبني مثله قط ، وجلست في البيت ، فقال عمي : ما أردت إلا أن كذبك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومقتك ! قال : حتى أنزل الله : { إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُنَافِقُونَ } ، قال : فبعث إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَّ ، ثم قال : " إن الله قد صدقك " وقال محمد بن إسحاق : حدثني عاصم بن عمر بن قتادة " أن عبد الله بن عبد الله بن أبي لما بلغه ما كان من أمر أبيه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إنه بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أُبي فيما بلغك عنه ، فإن كنت فاعلاً فمرني به ، فأنا أحمل إليك رأسه ، فوالله لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبر بوالده مني ، إني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل عبد الله بن أبي يمشي في الناس ، فأقتله فأقتل مؤمناً بكافر فأدخل النار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا " " ، وذكر عكرمة " أن الناس لما قفلوا راجعين إلى المدينة وقف ( عبد الله بن عبد الله ) على باب المدينة واستل سيفه ، فجعل الناس يمرون عليه ، فلما جاء أبوه ( عبد الله بن أُبي ) قال له ابنه : وراءك فقال : مالك ويلك ؟ فقال : والله لا تجوز من هٰهنا حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه العزيز وأنت الذليل ، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم شكا إليه عبد الله بن أُبي ابنه ، فقال ابنه عبد الله : والله يا رسول الله لا يدخلها حتى تأذن له ، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أما إذا أذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فجز الآن " ، وقال الحميدي في " مسنده " : " قال عبد الله بن عبد الله بن أُبي بن سلول لأبيه : والله لا تدخل المدينة أبداً حتى تقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعز وأنا الأذل ، قال : وجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إنه بلغني أنك تريد أن تقتل أبي ، فوالذي بعثك بالحق لئن شئت أن آتيك برأسه لأتيتك ، فإني أكره أن أرى قاتل أبي " .