Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 65, Ayat: 1-1)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

خوطب النبي صلى الله عليه سلم أولاً تشريفاً وتكريماً ، ثم خاطب الأمة تبعاً فقال تعالى : { يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } وعن أنَس قال : " طلّق رسول الله حفصة فأتت أهلها فأنزل الله تعالى : { يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } فقيل له : راجعها ، فإنها صوّامة قوامة ، وهي من أزواجك ونسائك في الجنة " وروى البخاري " أن عبد الله بن عمر طلق امرأة له وهي حائض ، فذكر عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتغيظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : " ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر ، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهراً قبل أن يمسها ، فتلك العدة التي أمر بها الله عزَّ وجلَّ " " وفي رواية لهم : " فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء " وقال عبد الله في قوله تعالى : { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } قال : الطهر من غير جماع ، وقال ابن عباس : لا يطلقها وهي حائض ، ولا في طهر قد جامعها فيه ، ولكن يتركها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها تطليقة ، وقال عكرمة : { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } العدة الطهر ، والقرء الحيضة أن يطلقها حبلى مستبيناً حملها ولا يطلقها وقد طاف عليها ولا يدري حبلى هي أم لا ؟ ومن هٰهنا أخذ الفقهاء أحكام الطلاق ، وقسموه إلى طلاق سُنّة ، وطلاق بدعة ، فطلاق السنة أن يطلقها طاهرة من غير جماع ، أو حاملاً قد استبان حملها ، والبدعي هو أن يطلقها في حال الحيض ، أو في طهر قد جامعها فيه ، ولا يدري أحملت أم لا ، وطلاق ثالث لا سنة فيه ولا بدعة وهو طَلاق الصغيرة والآيسة وغير المدخول بها ، وتحرير الكلام مستقصى في كتب الفروع . وقوله تعالى : { وَأَحْصُواْ ٱلْعِدَّةَ } أي احفظوها واعرفوا ابتداءها وانتهاءها لئلا تطول العدة على المرأة فتمتنع من الأزواج ، { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمْ } أي في ذلك ، وقوله تعالى : { لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ } أي في مدة العدة لها حق السكنى على الزوج ما دامت معتدة منه ، فليس للرجل أن يخرجها ولا يجوز لها أيضاً الخروج لأنها متعلقة لحق الزوج أيضاً ، وقوله تعالى : { إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ } أي لا يخرجن من بيوتهن إلا أن ترتكب المرأة فاحشة مبينة ، والفاحشة المبينة تشمل الزنا ، وتشمل ما إذا نشزت المرأة أو بذت على أهل الرجل وآذتهم في الكلام والفعال ، وقوله تعالى : { وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ } أي شرائعه ومحارمه { وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ } أي يخرج عنها ويتجاوزها إلى غيرها ولا يأتمر بها { فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } أي بفعل ذلك ، وقوله تعالى : { لاَ تَدْرِى لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً } أي لعل الزوج يندم على طلاقها ويخلق الله تعالى في قلبه رجعتها ، قال الزهري عن فاطمة بنت قيس في قوله تعالى : { لاَ تَدْرِى لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً } قالت : هي الرجعة ، ومن هٰهنا ذهب من ذهب من السلف إلى أنه لا تجب السكنى للمبتوتة أي المقطوعة ، وكذا المتوفى عنها زوجها ، واعتمدوا أيضاً على حديث ( فاطمة بنت قيس ) " حين طلقها زوجها ( أبو عمرو بن حفص ) آخر ثلاث تطليقات ، وكان غائباً عنها باليمن ، فأرسل إليها بذلك ، فأرسل إليها وكيله بشعير يعني نفقة فتسخطته ، فقال : والله ليس لك علينا نفقة ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " ليس لكِ عليه نفقة " " ، ولمسلم : " ولا سكنى " ، وأمرها أن تعتد في بيت أُم شريك ، ثم قال : " تلك امرأة يغشاها أصحابي ، اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك " الحديث .