Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 65, Ayat: 4-5)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مبيناً لعدة الآيسة ، وهي التي قد انقطع عنها المحيض لكبرها ، أنها { ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ } عوضاً عن الثلاثة قروء في حق من تحيض ، وكذا الصغار اللائي لم يبلغن سن الحيض ، أن عدتهن كعدة الآيسة ثلاثة أشهر ، ولهذا قال تعالى : { وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ } . وقوله تعالى : { إِنِ ٱرْتَبْتُمْ } فيه قولان : أحدهما : وهو قول طائفة من السلف أي إن رأين دماً وشككتم في كونه حيضاً أو استحاضه وارتبتم فيه ، والقول الثاني : إن ارتبتم في حكم عدتهن ولم تعرفوه فهو ثلاثة أشهر ، وهذا مروي عن سعيد بن جبير ، وهو اختيار ابن جرير وهو أظهر في المعنى لما روي عن أبي بن كعب قال : قلت : لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إن ناساً من أهل المدينة لما أنزلت هذه الآية في البقرة في عدة النساء قالوا : لقد بقي من عدة النساء عدد لم يذكرن في البقرة : الصغار والكبار اللائي قد انقطع منهن الحيض ، وذوات الحمل ، قال : فأنزلت التي في النساء القصرى : { وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ } . وقوله تعالى : { وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } يقول تعالى ومن كانت حاملاً فعدتها بوضعه ولو كان بعد الطلاق أو الموت بفواق ناقة ، في قول جمهور العلماء كما هو نص هذه الآية الكريمة ، وكما وردت به السنّة النبوية ، وقد روي عن ( علي ) و ( ابن عباس ) رضي الله عنهم أنها تعتد بأبعد الأجلين من الوضع والأشهر ، عملاً بهذه الآية والتي في سورة البقرة روى البخاري ، عن أبي سلمة قال : " جاء رجُل إلى ابن عباس - وأبو هريرة جالس - فقال : أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة ، فقال ابن عباس : آخر الأجلين ، قلت : أنا { وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } ، قال أبو هريرة : أنا مع ابن أخي - يعني أبا سلمة - فأرسل ابن عباس غلامه كريباً إلى أُم سلمة يسألها ، فقالت : قُتِل زوج ( سبيعة الأسلمية ) وهي حبلى ، فوضعت بعد موته بأربعين ليلة ، فخطِبتْ فأنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان أبو السنابل فيمن خطبها " . وروى البخاري ومسلم : " أن سبيعة كانت تحت ( سعد بن خولة ) وكان ممن شهدا بدراً ، فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل ، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته ، فلما تعلّت من نفاسها تجملت للخطّاب ، فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك فقال لها : ما لي أراك متجملة ؟ لعلك ترجين النكاح ! إنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر ، قالت سبيعة : فلما قال لي ذلك ، جمعت عليَّ ثيابي حين أمسيت فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك ، فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي وأمرني بالتزويج إن بدا لي " هذا لفظ مسلم ، ورواه البخاري مختصراً ، ثم قال البخاري بعد روايته الحديث الأول عند هذه الآية ، وقال أبو سليمان بن حرب وأبو النعمان ، حدَّثنا حماد بن زيد عن أيوب ، عن محمد هو ابن سيرين قال : كنت في حلقة فيها عبد الرحمٰن بن أبي ليلى ، وكان أصحابه يعظمونه فذكر آخر الأجلين ، فحدثت بحديث سبيعة بنت الحارث عن عبد الله بن عتبة قال : فضمز لي بعض أصحابه ، قال محمد : ففطنت له ، فقلت له : إني لجريء أن أكذب على عبد الله ، وهو في ناحية الكوفة قال : فاستحيا وقال : لكن عمه لم يقل ذلك ، فلقيت أبا عطية مالك بن عامر ، فسألته ، فذهب يحدثني بحديث سبيعة ، فقلت : هل سمعت عن عبد الله فيها شيئاً ؟ فقال : كنا عند عبد الله فقال : أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون عليها الرخصة ؟ فنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى : { وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } . وروى ابن جرير عن علقمة بن قيس أن عبد الله بن مسعود قال : من شاء لاعنته ، ما نزلت { وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } إلا بعد آية المتوفى عنها زوجها ، قال : وإذا وضعت المتوفى عنها زوجها فقد حلت يريد بآية المتوفى عنها { وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً } [ البقرة : 234 ] وقال : ابن أبي حاتم ، عن مسروق قال : بلغ ابن مسعود أن علياً رضي الله عنه يقول آخر الأجلين ، فقال : من شاء لاعنته إن التي في النساء القصرى نزلت بعد البقرة { وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } ، وقوله تعالى : { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً } أي يسهل له أمره وييسره عليه ، ويجعل له فرجاً قريباً ومخرجاً عاجلاً ، ثم قال تعالى : { ذَلِكَ أَمْرُ ٱللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ } أي حكمه وشرعه أنزله إليكم بواسطة رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً } أي يذهب عنه المحذور ، ويجزل له الثواب على العمل اليسير .