Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 66, Ayat: 6-8)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال علي رضي الله عنه في قوله تعالى : { قُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً } يقول أدبوهم وعلموهم ، وقال ابن عباس : اعملوا بطاعة الله واتقوا معاصي الله وأمروا أهليكم بالذكر ينجيكم الله من النار ، وقال مجاهد : اتقوا الله وأوصوا أهليكم بتقوى الله ، وقال قتادة : تأمرهم بطاعة الله وتنهاهم عن معصية الله ، وأن تقوم عليهم بأمر الله وتساعدهم عليه ، فإذا رأيت لله معصية قذعتهم عنها وزجرتهم عنها ، وقال الضحاك : حق على المسلم أن يعلم أهله من قرابته وإمائه عبيده ما فرض الله عليهم وما نهاهم الله عنه ، وفي معنى هذه الآية الحديث الشريف : " مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين ، فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها " ، قال الفقهاء : وهكذا في الصوم ليكون ذلك تمريناً له على العبادة لكي يبلغ ، وهو مستمر على العبادة والطاعة ومجانبة المعصية وترك المنكر ، وقوله تعالى : { وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ } وقودها : أي حطبها الذي يلقى فيها جثث بني آدم . { وَٱلْحِجَارَةُ } قيل : المراد بها الأصنام التي تعبد لقوله تعالى : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } [ الأنبياء : 98 ] ، وقال ابن مسعود ومجاهد : هي حجارة من كبريت ، أنتن من الجيفة ، وقوله تعالى : { عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ } أي طباعهم غليظة قد نزعت من قلوبهم الرحمة بالكافرين بالله { شِدَادٌ } أي تركيبهم في غاية الشدة والكثافة والمنظر المزعج ، كما روى ابن أبي حاتم . عن عكرمة أنه قال : إذا وصل أول أهل النار إلى النار ، وجدوا على الباب أربعمائة ألف من خزنة جهنم سود وجوههم ، كالحة أنيابهم ، وقد نزع الله من قلوبهم الرحمة ، ليس في قلب واحد منهم مثقال ذرة من الرحمة . لو طير الطير من منكب أحدهم لطار شهرين قبل أن يبلغ منكبه الآخر ، ثم يجدون على الباب التسعة عشر ، عرض صدر أحدهم سبعون خريفاً ، ثم يهوون من باب إلى باب خمسمائة سنة ، ثم يجدون على كل باب منها مثل ما وجدوا على الباب الأول حتى ينتهوا إلى آخرها ، وقوله : { لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } أي مهما أمرهم به تعالى يبادروا إليه ، لا يتأخرون عنه طرفة عين ، وهم قادرون على فعله ليس بهم عجز عنه ، وهؤلاء هم الزبانية . وقوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَعْتَذِرُواْ ٱلْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } أي يقال للكفرة يوم القيامة لا تعتذروا فإنه لا يقبل منكم ، وإنما تجزون اليوم بأعمالكم ، ثم قال تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً } أي توبة صادقة جازمة تمحو ما قبلها من السيئات ، وتلم شعث التائب وتجمعه وتكفه عما كان يتعاطاه من الدناءات ، قال عمر ( التوبة النصوح ) أن يتوب من الذنب ، ثم لا يعود فيه أو لا يريد أن يعود فيه ، وقال أبو الأحوص : سئل عمر عن التوبة النصوح ، فقال : أن يتوب الرجل من العمل السيء ثم لا يعود إليه أبداً ، وقال ابن مسعود { تَوْبَةً نَّصُوحاً } قال : يتوب ثم لا يعود ، ولهذا قال العلماء : التوبة النصوح هو أن يقلع عن الذنب في الحاضر ، ويندم على ما سلف منه في الماضي ، ويعزم على أن لا يفعل في المستقبل ، ثم إن كان الحق لآدمي رده إليه بطريقه ، وفي الحديث الصحيح : " الندم توبة " ، وعن أُبيّ بن كعب قال : " قيل لنا : أشياء تكون في آخر هذه الأمّة عند اقتراب الساعة : منها نكاح الرجل امرأته أو أمته في دبرها ، وذلك مما حرم الله ورسوله ويمقت الله عليه ورسوله ، ومنها نكاح الرجل الرجل ، وذلك مما حرّم الله ورسوله ويمقت الله عليه ورسوله ، ومنها نكاح المرأة المرأة ، وذلك مما حرم الله ورسوله ويمقت الله عليه ورسوله ، وليس لهؤلاء صلاة ما أقاموا على هذا حتى يتوبوا إلى الله توبة نصوحاً ، قال زر : فقلت لأُبي بن كعب : فما التوبة النصوح ؟ فقال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : " هو الندم على الذنب حين يفرط منك فتستغفر الله بندامتك منه عند الحاضر ثم لا تعود إليه أبداً " " وقال الحسن : " التوبة النصوح أن تبغض الذنب كما أحببته ، وتستغفر منه إذا ذكرته ، فأما إذا جزم بالتوبة وصمم عليها فإنها تجب ما قبلها من الخطيئات ، كما ثبت في الصحيح : " الإسلام يجب ما قبله ، والتوبة تجب ما قبلها " وهل من شرط التوبة النصوح الاستمرار على ذلك إلى الممات - كما تقدم في الحديث وفي الأثر - ثم لا يعود فيه أبداً ، أو يكفي العزم على أن لا يعود في تكفير الماضي بحيث لو قوع منه ذلك الذنب بعد ذلك لا يكون ذلك ضاراً في تكفير ما تقدم لعموم قوله عليه السلام : " التوبة تجب ما قبلها " ؟ وللأول أن يحتج بما ثبت في الصحيح أيضاً : " من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر " فإذا كان هذا في الإسلام الذي هو أقوى من التوبة ، فالتوبة بطريق الأولى ، والله أعلم . وقوله تعالى : { عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } وعسى من الله موجبة { يَوْمَ لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ } أي ولا يخزيهم معه يعني يوم القيامة { نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ } ، كما تقدّم في سورة الحديد : { يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَٱغْفِرْ لَنَآ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } قال مجاهد والضحّاك : هذا يقوله المؤمنون حين يرون يوم القيامة نور المنافقين قد طفىء روى الإمام أحمد عن يحيى بن غسان عن رجُل من بني كنانة قال : " صلَّيت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فسمعته يقول : " اللهم لا تخزني يوم القيامة " " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " أنا أول من يؤذن له في السجود يوم القيامة ، وأول من يؤذن له برفع رأسه ، فأنظر بين يدي فأعرف أمتي من بين الأمم ، وأنظر عن يميني فأعرف من أمتي من بين الأمم ، وأنظر عن شمالي فأعرف أمتي من بين الأمم " ، فقال رجل : يا رسول الله : وكيف تعرف أُمتك من بين الأُمم ؟ قال : " غر محجلون من آثار الطهور ، ولا يكون أحد من الأمم كذلك غيرهم ، وأعرفهم يؤتون كتبهم بأيمانهم ، وأعرفهم بسيماهم في وجوههم من أثر السجود ، وأعرفهم بنورهم يسعى بين أيديهم " " .