Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 67, Ayat: 12-15)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً عمن يخاف مقام ربه ، فينكف عن المعاصي ويقوم بالطاعات ، حيث لا يراه أحد إلا الله تعالى ، بأنه له { مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } أي تكفّر عنه ذنوبه ، ويجازى بالثواب الجزيل ، كما ثبت في الصحيحين : " سبعة يظلهم الله تعالى في ظل عرشه يوم لا ظل إلاّ ظله " فذكر منهم رجلاً دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال : إني أخاف الله ، ورجلاً تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ثم قال تعالى منبهاً على أنه مطلع على الضمائر والسرائر { وَأَسِرُّواْ قَوْلَكُمْ أَوِ ٱجْهَرُواْ بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } أي بما يخطر في القلوب { أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ } أي ألا يعلم الخالق ؟ وقيل معناه : ألا يعلم الله مخلوقه ؟ والأول أولى لقوله : { وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ } ثم ذكر نعمته على خلقه في تسخيره لهم الأرض . وتذليله إياها لهم ، بأن جعلها قارة ساكنة لا تميد ولا تضطرب ، بما جعل فيها من الجبال ، وأنبع فيها من العيون ، وسلك فيها من السبل ، وهيأ فيها من المنافع ومواضع الزروع والثمار فقال تعالى : { هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ ذَلُولاً فَٱمْشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا } أي فسافروا حيث شئتم من أقطارها ، وترددوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب والتجارات ، واعلموا أن سعيكم لا يجدي عليكم شيئاً إلاّ أن ييسره الله لكم ، ولهذا قال تعالى : { وَكُلُواْ مِن رِّزْقِهِ } فالسعي في السبب لا ينافي التوكل ، كما قال رسول الله : " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير ، تغدو خماصاً وتروح بطاناً " فأثبت لها رواحاً وغدواً لطلب الرزق مع توكلها على الله عزَّ وجلَّ ، وهو المسخر المسير المسبب { وَإِلَيْهِ ٱلنُّشُورُ } أي المرجع يوم القيامة ، قال ابن عباس ومجاهد : مناكبها : أطرافها وفجاجها ونواحيها .