Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 68, Ayat: 42-47)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما ذكر تعالى أن للمتقين عند ربهم جنات النعيم ، بين متى ذلك كائن وواقع فقال تعالى : { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ } يعني يوم القيامة ، وما يكون فيه من الأهوال ، والبلاء والامتحان والأمور العظام ، روى البخاري عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " يكشف ربنا عن ساقه فيسجد ، له كل مؤمن ومؤمنة ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً " وقال ابن عباس : هو يوم القيامة يوم كرب وشدة . وعن ابن مسعود { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ } قال : عن أمر عظيم كقول الشاعر : @ شالت الحرب عن ساق @@ وقال ابن جرير عن مجاهد : { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ } قال : شدة الأمر وجده ، وقال ابن عباس قوله : { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ } هو الأمر الشديد الفظيع من الهول يوم القيامة ، وقال العوفي ، عن ابن عباس قوله : { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ } يقول : حين يكشف الأمر وتبدو الأعمال ، وكشفه دخول الآخرة ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ } يعني عن نور عظيم يخرون له سجداً " ، وقوله تعالى : { خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ } أي في الدار الآخرة بإجرامهم وتكبرهم في الدنيا ، فعوقبوا بنقيض ما كانوا عليه ، ولما دعوا إلى السجود في الدنيا فامتنعوا منه مع صحتهم وسلامتهم ، كذلك عوقبوا بعدم قدرتهم عليه في الآخرة ، إذا تجلى الرب عزَّ وجلَّ فيسجد له المؤمنون ، ولا يستطيع أحد من الكافرين أو المنافقين أن يسجد ، بل يعود ظهر أحدهم طبقاً واحداً ، كلما أراد أحدهم أن يسجد خرّ لقفاه ، ثم قال تعالى : { فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ } يعني القرآن ، وهذا تهديد شديد أي دعني وإياه أنا أعلم كيف أستدرجه ثم آخذه أخذ عزيز مقتدر ، ولهذا قال تعالى : { سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } أي وهم لا يشعرون ، بل يعتقدون أن ذلك من الله كرامة ، وهو في نفس الأمر إهانة ، كما قال تعالى : { أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي ٱلْخَيْرَاتِ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ } [ المؤمنون : 55ـ56 ] ، ولهذا قال هٰهنا : { وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ } أي أؤخرهم وأمدهم ، وذلك من كيدي ومكري بهم ، ولهذا قال تعالى : { إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ } أي عظيم لمن خالف أمري ، " وكذب رسلي ، واجترأ على معصيتي ، وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله تعالى ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " ، ثم قرأ : { وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } [ هود : 102 ] . وقوله تعالى : { أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ * أَمْ عِندَهُمُ ٱلْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ } ! المعنى أنك يا محمد تدعوهم إلى الله عزَّ وجلَّ بلا أجر تأخذه منهم ، بل ترجو ثواب ذلك عند الله تعالى ، وهم يكذبون بما جئتهم به ، بمجرد الجهل والكفر والعناد .