Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 68, Ayat: 48-52)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى : { فَٱصْبِرْ } يا محمد على أذى قومك لك وتكذيبهم ، فإن الله سيحكم لك ويجعل العاقبة لك ولأتباعك في الدنيا والآخرة ، { وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ ٱلْحُوتِ } يعني ذا النون وهو ( يونس بن متى ) عليه السلام حين ذهب مغاضباً على قومه ، فكان من أمره ما كان من ركوبه في البحر ، والتقام الحوت له ، وشرود الحوت به في البحار ، وسماعه تسبيح البحر بما فيه للعلي القدير ، فحينئذٍ نادى في الظلمات : { أَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } [ الأنبياء : 87 ] ، قال الله تعالى : { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ٱلْغَمِّ وَكَذٰلِكَ نُنجِـي ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ الأنبياء : 88 ] ، وقال تعالى : { فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [ الصافات : 143 - 144 ] ، وقال هٰهنا : { إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ } قال ابن عباس ومجاهد : وهو مغموم ، وقال عطاء : مكروب ، وقد قدمنا في الحديث أنه لما قال { لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } [ الأنبياء : 87 ] خرجت الكلمة تحنّ حول العرش ، فقالت الملائكة : يا رب ، هذا صوت ضعيف معروف من بلاد غريبة ، فقال الله تبارك وتعالى : أما تعرفون هذا ؟ قالوا : لا ، قال هذا يونس ، قالوا : يا رب عبدك الذي لا يزال يرفع له عمل صالح ودعوة مجابة ، قال : نعم ، قالوا : أفلا ترحم ما كان يعمله في الرخاء فتنجيه من البلاء ، فأمر الله الحوت فألقاه بالعراء ، ولهذا قال الله تعالى : { فَٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى " وقوله تعالى : { وَإِن يَكَادُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ } قال ابن عباس ومجاهد { لَيُزْلِقُونَكَْ } لينفذونك { بِأَبْصَارِهِم } أي يحسدونك لبغضهم إياك ، لولا وقاية الله لك وحمايته إياك منهم ، وفي هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عزَّ وجلَّ ، كما وردت بذلك الأحاديث المروية ، روى أبو داود عن أنَس قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا رقية إلاّ من عين أو حمة أو دم لا يرقأ " وروى ابن ماجه ، عن بريدة بن الحصيب قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا رقية إلاّ من عين أو حمة " وروى مسلم في " صحيحه " ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " العين حق ، ولو كان شيء سابق القدر سبقت العين وإذا استغسلتم فاغسلوا " وعن ابن عباس قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوّذ الحسن والحسين يقول : " أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة " ويقول : " هكذا كان إبراهيم يعوذ إسحاق وإسماعيل عليهما السلام " " . وروى الإمام أحمد ، عن جابر بن عبد الله " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتكى ، فأتاه جبريل ، فقال : باسم الله أرقيك ، من كل شيء يؤذيك ، من كل حاسد وعين والله يشفيك ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن العين حق " " ، حديث أسماء بنت عميس : قال الإمام أحمد ، عن عبيد بن رفاعة الزرقي قال ، قالت أسماء : " يا رسول الله إن بني جعفر تصيبهم العين أفأسترقي لهم ؟ قال : " نعم . فلو كان شيء يسبق القدر لسبقته العين " " حديث عائشة رضي الله عنها : روى ابن ماجه ، عن عائشة رضي الله عنها " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن تسترقي من العين " وعن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " استعيذوا بالله فإن النفس حق " ، وقال أبو داود عن عائشة قالت : " كان يؤمر العائن فيتوضأ ويغسل منه المعين " حديث سهل بن حنيف : قال الإمام أحمد ، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن أباه حدّثه : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج وساروا معه نحو مكة ، حتى إذا كانوا بشعب الخرار من ( الجحفة ) اغتسل سهل بن الأحنف ، وكان رجلاً أبيض حسن الجسم والجلد ، فنظر إليه عامر بن ربيعة أخو بني عدي بن كعب وهو يغتسل ، فقال : ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة ، فلبط سهل ، فأتى رسول الله صلى الله عليه سلم ، فقيل له : يا رسول الله هل لك في سهل ؟ والله ما يرفع رأسه ولا يفيق ، قال : " هل تتهمون فيه من أحد ؟ " قالوا : نظر إليه عامر بن ربيعة ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامراً فتغيظ عليه ، وقال : " علام يقتل أحدكم أخاه ؟ هلا إذا رأيت ما يعجبك برّكت ؟ - ثم قال - اغتسل له " فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبته وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح ، ثم صبَّ ذلك الماء عليه ، فصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه ، ثم يكفأ القدح وراءه ففعل ذلك فراح سهل مع الناس ليس به بأس " حديث عبد الله بن عمرو : قال الإمام أحمد ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا حسد والعين حق " وقوله تعالى : { وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ } أي يزدرونه بأعينهم ، ويؤذونه بألسنتهم ، ويقولون { إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ } أي لمجيئه بالقرآن ، قال الله تعالى : { وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } .