Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 40-41)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ ٱلسَّمَآءِ } قيل : المراد لا يرفع لهم منها عمل صالح ولا دعاء ، وقيل : المراد لا تفتح لأرواحهم أبواب السماء ، ويؤيده ما رواه الإمام أحمد عن البراء بن عازب قال : " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار ، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد ، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير ، وفي يده عود ينكت به في الأرض ، فرفع رأسه فقال : " استعيذوا بالله من عذاب القبر - مرتين أو ثلاثاً - ثم قال : إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال إلى الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه ، كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة ، وحنوط من حنوط الجنة ، حتى يجلسوا منه مد البصر ، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه ، فيقول : أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى مغفرةٍ من الله ورضوان - قال : فتخرج تسيل كما يسيل القطر في السقاء ، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها ، فيجعلوها في ذلك الكفن ، وفي ذلك الحنوط ، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض ، فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذه الروح الطيبة ؟ فيقولون : فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا ، حتى ينتهوا به إلى السماء الدنيا ، فيستفتحون له فيفتح له ، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهى بها إلى السماء السابعة ، فيقول الله عزَّ وجلَّ : اكتبوا كتاب عبدي في عليين ، وأعيدوه إلى الأرض ، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى ، قال : فتعاد روحه ، فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله ، فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام ، فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقولان له : وما عملك ؟ فيقول : قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت ، فينادي مناد من السماء : أن صدق عبدي ، فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة ، وافتحو له باباً إلى الجنة ، فيأتيه من روحها وطيبها ، ويفسح له قبره مد البصر - قال : ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح ، فيقول : أبشر بالذي يسرك ، هذا يومك الذي كنت توعد فيقول له : من أنت فوجهك الوجه يجيء بالخير ؟ فيقول : أنا عملك الصالح ، فيقول : رب أقم الساعة ، رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي . قال : وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال إلى الآخرة ، نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح ، فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب ، قال : فتفرق في جسده ، فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول ، فيأخذها ، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين ، حتى يجعلوها في تلك المسوح ، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض ، فيصعدون بها ، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذه الروح الخبيثة ؟ فيقولون : فلان بن فلان ، بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا ، حتى ينتهى بها إلى السماء الدنيا ، فيستفتح فلا يفتح له - ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ ٱلسَّمَآءِ وَلاَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلْجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلْخِيَاطِ } فيقول الله عزَّ وجل : اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى ، فتطرح روحه طرحاً - ثم قرأ : { وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَتَخْطَفُهُ ٱلطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ ٱلرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ } ، فتعاد روحه في جسده ، ويأتيه ملكان فيجلسانه ، فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري ، فيقولان : ما دينك ؟ هاه هاه لا أدري ، فيقولان : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ، فيقول هاه هاه لا أدري ، فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي ، فأفرشوه من النار ، وافتحو له باباً إلى النار ، فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ، ويأتيه رجل قبيح الوجه ، قبيح الثياب ، منتن الريح فيقول : أبشر بالذي يسوؤك ، هذا يومك الذي كنت توعد ، فيقول : من أنت فوجهك الوجه يجيء بالشر ؟ فيقول : أنا عملك الخبيث ، فيقول : رب لا تقم الساعة " . وفي الحديث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الميت تحضره الملائكة فإذا كان الرجل الصالح قالوا : اخرجي أيتها النفس المطمئنة كانت في الجسد الطيب ، اخرجي حميدة ، وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان ، فيقولون ذلك حتى يعرج بها إلى السماء ، فيستفتح لها فيقال : من هذا ؟ فيقولون : فلان ، فيقال : مرحباً بالنفس الطيبة التي كانت في الجسد الطيب ، ادخلي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان ، فيقال لها ذلك ، حتى ينتهى بها إلى السماء التي فيها الله عزَّ وجلَّ ، وإذا كان الرجل السوء قالوا : اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث اخرجي ذميمة وأبشري بحميم وغساق وآخر من شكله أزواج ، فيقولون ذلك حتى تخرج ، ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال : من هذا ؟ فيقولون : فلان ، فيقولون : لا مرحباً بالنفس الخبيثة التي كانت في الجسد الخبيث ، ارجعي ذميمة ، فإنه لم يفتح لك أبواب السماء ، فترسل بين السماء والأرض ، فتصير إلى القبر " وقد قال ابن جريج : لا تفتح لأعمالهم ولا لأرواحهم ، وهذا فيه جمع بين القولين ، والله أعلم ، وقوله تعالى : { وَلاَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلْجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلْخِيَاطِ } هكذا قرأه الجمهور ، وفسروه بأنه البعير ، قال الحسن البصري : حتى يدخل البعير في خرق الإبرة . وقرأ ابن عباس : بضم الجيم وتشديد الميم : يعني الحبل الغليظ في خرق الإبرة . وهذا اختيار سعيد بن جبير ، وفي رواية أنه قرأ : حتى يلج الجمل ، يعني قلوس السفن وهي الحبال الغلاظ . وقوله : { لَهُمْ مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ } المراد : الفرش ، { وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } اللحف ، وكذا قال الضحاك بن مزاحم والسدي { وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ } .