Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 4-7)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الله تعالى : { وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا } أي بمخالفة رسلنا وتكذيبهم فأعقبهم ذلك خزي الدنيا موصولاً بذل الآخرة كما قال تعالى : { وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } [ الأنعام : 10 ] ، وكقوله : { فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ } [ الحج : 45 ] ، وقال تعالى : { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ ٱلْوَارِثِينَ } [ القصص : 58 ] ، وقوله : { فَجَآءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ } أي فكان منهم من جاءه أمر الله وبأسه ونقمته { بَيَاتاً } أي ليلاً { أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ } من القيلولة وهي الاستراحة وسط النهار ، وكلا الوقتين وقت غفلة ولهو ، كما قال : { أَفَأَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ * أَوَ أَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ } [ الأعراف : 97 - 98 ] ، وقال { أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ ٱلأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ } [ النحل : 45 - 46 ] ، وقوله : { فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَآ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } أي فما كان قولهم عند مجيء العذاب إلا أن اعترفوا بذنوبهم وأنهم حقيقون بهذا ، كقوله تعالى : { وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً } [ الأنبياء : 11 ] إلى قوله { خَامِدِينَ } [ الأنبياء : 15 ] ، قال ابن جرير : في هذه الآية الدالة الواضحة على صحة ما جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما هلك قوم حتى يعذروا من أنفسهم " ، وقوله : { فَلَنَسْأَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ } الآية ، كقوله : { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبْتُمُ ٱلْمُرْسَلِينَ } [ القصص : 65 ] ، وقوله : { يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ } [ المائدة : 109 ] فيسأل الله الأمم يوم القيامة عما أجابوا رسله فيما أرسلهم به ، ويسأل الرسل أيضاً عن إبلاغ رسالاته ، ولهذا قال ابن عباس في تفسير هذه الآية { فَلَنَسْأَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ ٱلْمُرْسَلِينَ } قال : عما بلغوا . وعن ابن عمر قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام يسأل عن رعيته والرجل يسأل عن أهله والمرأة تسأل عن بيت زوجها والعبد يسأل عن مال سيده " ، ثم قرأ : { فَلَنَسْأَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ ٱلْمُرْسَلِينَ } ، وقال ابن عباس في قوله { فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ } : يوضع الكتاب يوم القيامة فيتكلم بما كانوا يعملون ، { وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ } يعني أنه تعالى يخبر عباده يوم القيامة بما قالوا وبما عملوا من قليل وكثير وجليل وحقير ، لأنه تعالى الشهيد على كل شيء لا يغيب عنه شيء ، ولا يغفل عن شيء بل هو العالم بخائنة الأعين وما تخفي الصدور { وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ ٱلأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } [ الأنعام : 59 ] .