Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 54-54)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى أنه خالق العالم ؛ سماواته وأرضه وما بين ذلك في ستة أيام ، كما أخبر بذلك في غير ما آية من القرآن ، واختلفوا في هذه الأيام هل كل يوم منها كهذه الأيام كما هو المتبادر إلى الأذهان ؟ أو كل يوم كألف سنة كما نص على ذلك مجاهد والإمام أحمد بن حنبل ؟ فأما يوم السبت فلم يقع فيه خلق لأنه اليوم السابع ، ومنه سمي السبت ، وهو القطع . وأما قوله تعالى : { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } فللناس في هذا المقام مقالات كثيرة جداً ، ليس هذا موضع بسطها ، وإنما نسلك في هذا المقام مذهب السلف الصالح وهو إمرارها ، كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل ، والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين منفي عن الله ، فإن الله لا يشبهه شيء من خلقه و { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ } [ الشورى : 11 ] ، بل الأمر كما قال ( نعيم بن حماد الخزاعي ) شيخ البخاري قال : من شبَّه الله بخلقه كفر ، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر ، وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه فمن أثبت لله تعالى ما وردت به الآيات الصريحة والأخبار الصحيحة على الوجه الذي يليق بجلال الله ، ونفى عن الله تعالى النقائض ؛ فقد سلك سبيل الهدى . وقوله تعالى : { يُغْشِي ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً } أي يذهب ظلام هذا بضياء هذا ، وضياء هذا بظلام هذا ، وكل منهما يطلب الآخر طلباً حثيثاً أي سريعاً لا يتأخر عنه ، بل إذا ذهب هذا جاء هذا وعكسه ، كقوله : { وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلَّيلُ نَسْلَخُ مِنْهُ ٱلنَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ } [ يس : 37 ] ، إلى قوله : { لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ وَلاَ ٱلَّيلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } [ يس : 40 ] ، فقوله { وَلاَ ٱلَّيلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ } أي لا يفوته بوقت يتأخر عنه بل هو في أثره بلا واسطة بينهما ، ولهذا قال : { يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ } أي الجميع تحت قهره وتسخيره ومشيئته ولهذا قال منبهاً : { أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ } أي له الملك والتصرف { تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } ، كقوله : { تَبَارَكَ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجاً } [ الفرقان : 61 ] الآية ، وفي الحديث : " من لم يحمد الله على ما عمل من عمل صالح وحمد نفسه ، فقد كفر وحبط عمله ، ومن زعم أن الله جعل للعباد من الأمر شيئاً فقد كفر بما أنزل الله على أنبيائه " ، لقوله : { أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } ، وفي الدعاء المأثور عن أبي الدرداء وروي مرفوعاً : " اللهم لك الملك كله ، ولك الحمد كله ، وإليك يرجع الأمر كله ، أسألك من الخير كله ، وأعوذ بك من الشر كله " .