Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 72, Ayat: 11-17)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى مخبراً عن الجن { وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ } أي غير ذلك ، { كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَداً } أي طرائق متعددة مختلفة وآراء متفرقة ، قال ابن عباس ومجاهد { كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَداً } أي منا المؤمن ومنا الكافر ، وذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة العباس بن أحمد الدمشقي قال ، سمعت بعض الجن وأنا في منزل لي بالليل ينشد : @ قلوب براها الحب حتى تعلقت مذاهبها في كل غرب وشارق تهيم بحب الله والله ربها معلقة بالله دون الخلائق @@ وقوله تعالى : { وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن نُّعْجِزَ ٱللَّهَ فِي ٱلأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَباً } أي نعلم أن قدرة الله حاكمة علينا ، وأنا لا نعجزه ولو أمعنا في الهرب ، فإنه علينا قادر لا يعجزه أحد منا . { وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا ٱلْهُدَىٰ آمَنَّا بِهِ } يفتخرون بذلك وهو مفخر لهم وشرف رفيع ، وصفة حسنة ، وقولهم : { فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلاَ يَخَافُ بَخْساً وَلاَ رَهَقاً } قال ابن عباس وقتادة : فلا يخاف أن ينقص من حسناته أو يحمل عليه غير سيئاته ، كما قال تعالى : { فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً } [ طه : 112 ] ، { وَأَنَّا مِنَّا ٱلْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا ٱلْقَاسِطُونَ } أي منا المسلم ومنا القاسط ، وهو الجائر عن الحق الناكب عنه بخلاف المقسط ، فإنه العادل ، { فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَـٰئِكَ تَحَرَّوْاْ رَشَداً } أي طلبوا لأنفسهم النجاة ، { وَأَمَّا ٱلْقَاسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَباً } أي وقوداً تسعر بهم ، { وَأَلَّوِ ٱسْتَقَامُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّآءً غَدَقاً * لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } اختلف المفسرون في معنى هذا على قولين : ( أحدهما ) : وأن لو استقام القاسطون على طريقة الإسلام ، واستمروا عليها { لأَسْقَيْنَاهُم مَّآءً غَدَقاً } أي كثيراً ، والمراد بذلك سعة الرزق كقوله تعالى : { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ آمَنُواْ وَٱتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } [ الأعراف : 96 ] ، وعلى هذا يكون معنى قوله : { لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } أي لنختبرهم من يستمر على الهداية ممن يرتد إلى الغواية . قال ابن عباس : { وَأَلَّوِ ٱسْتَقَامُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ } يعني بالاستقامة الطاعة ، وقال مجاهد : يعني الإسلام . وقال قتادة : { وَأَلَّوِ ٱسْتَقَامُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ } يقول : لو آمنوا كلهم لأوسعنا عليهم من الدنيا . قال مقاتل : نزلت في كفار قريش حين منعوا المطر سبع سنين ، ( والقول الثاني ) : { وَأَلَّوِ ٱسْتَقَامُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ } الضلال { لأَسْقَيْنَاهُم مَّآءً غَدَقاً } أي لأوسعنا عليهم الرزق استدراجاً ، كما قال تعالى : { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ } [ الأنعام : 44 ] وهذا قول أبي مجلز ، وحكاه البغوي عن الربيع ، وزيد بن أسلم ، والكلبي ، وله اتجاه ويتأيد بقوله { لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } ، وقوله : { وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً } أي عذاباً مشقاً موجعاً مؤلماً ، قال ابن عباس ومجاهد { عَذَاباً صَعَداً } أي مشقة لا راحة معها ، وعن ابن عباس : جبل في جهنم .