Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 72, Ayat: 18-24)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال قتادة في قوله تعالى : { وَأَنَّ ٱلْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَداً } قال : كانت اليهود والنصارى إذا دخلوا كنائسهم وبيعهم أشركوا بالله ، فأمر الله نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يوحّده وحده ، وقال ابن عباس : لم يكن يوم نزلت هذه الآية في الأرض مسجد إلاّ المسجد الحرام ، ومسجد إيليا بيت المقدس ، وروى ابن جرير ، عن سعيد بن جبير قال ، قالت الجن لنبي الله صلى الله عليه وسلم : كيف لنا أن نأتي المسجد ونحن ناؤون ؟ أي بعيدون عنك ، وكيف نشهد الصلاة ونحن ناؤون عنك ؟ فنزلت : { وَأَنَّ ٱلْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَداً } . وقال عكرمة : نزلت في المساجد كلها ، وقوله تعالى : { وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ ٱللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } قال ابن عباس يقول : لما سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يتلو القرآن ، كادوا يركبونه من الحرص لمّا سمعوه يتلو القرآن ، ودنوا منه فلم يعلم بهم حتى أتاه الرسول فجعل يقرئه : { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ } [ الجن : 1 ] يستمعون القرآن ، وقال الحسن : لما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا إلٰه إلاّ الله ويدعو الناس إلى ربهم كادت العرب تلبد عليه جميعاً ، وقال قتادة : تلبّدت الإنس والجن على هذا الأمر ليطفئوه ، فأبى الله إلاّ أن ينصره ويمضيه ويظهره على من ناوأه ، وهو الأظهر لقوله بعده : { قُلْ إِنَّمَآ أَدْعُو رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً } أي قال لهم الرسول لما آذوه وخالفوه وكذبوه ، وتظاهروا عليه ليبطلوا ما جاء به من الحق واجتمعوا على عداوته { إِنَّمَآ أَدْعُو رَبِّي } أي إنما أعبد ربي وحده لا شريك له وأستجير به وأتوكل عليه { وَلاَ أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً } . وقوله تعالى : { قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ رَشَداً } أي إنما أنا عبد من عباد الله ، ليس إليّ من الأمر شيء في هدايتكم ولا غوايتكم ، بل المرجع في ذلك كله إلى الله عزَّ وجلَّ ، ثم أخبر عن نفسه أيضاً أنه لا يجيره من الله أحد ، أي لو عصيته ، فإنه لا يقدر أحد على إنقاذي من عذابه { وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً } قال مجاهد : لا ملجأ ، وقال قتادة : أي لا نصير ولا ملجأ ، وفي رواية : لا ولي ولا موئل ، وقوله تعالى : { إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ } مستثنى من قوله : { قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ رَشَداً … إِلاَّ بَلاَغاً } ويحتمل أن يكون استثناء من قوله : { لَن يُجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٌ } أي لا يجيرني منه ويخلصني إلاّ إبلاغي الرسالة التي أوجب أداءها عليّ ، كما قال تعالى : { يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ } [ المائدة : 67 ] ، وقوله تعالى : { وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } أي أنا رسول الله أبلغكم رسالة الله فمن يعص بعد ذلك فله جزاء { نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } أي لا محيد لهم عنها ولا خروج لهم منها ، وقوله تعالى : { حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً } أي حتى إذا رأى هؤلاء المشركون ما يوعدون يوم القيامة ، فسيعلمون يومئذٍ { مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً } هم أم المؤمنون الموحدون لله تعالى ، أي بل المشركين لا ناصر لهم بالكلية ، وهم أقل عدداً من جنود الله عزَّ وجلَّ .