Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 73, Ayat: 10-18)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم بالصبر ، على ما يقوله سفهاء قومه ، وأن يهجرهم هجراً جميلاً ، وهو الذي لا عتاب معه ، ثم قال له متهدداً لكفار قومه : { وَذَرْنِي وَٱلْمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعْمَةِ } أي والمكذبين المترفين أصحاب الأموال ، { وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً } أي رويداً ، كما قال تعالى : { نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ } [ لقمان : 24 ] ، ولهذا قال هٰهنا : { إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً } وهي القيود ، قاله ابن عباس وعكرمة والسدي وغير واحد ، و { جَحِيماً } وهي السعير المضطرمة ، { وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ } قال ابن عباس : ينشب في الحلق فلا يدخل ولا يخرج ، { وَعَذَاباً أَلِيماً * يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ } أي تزلزل ، { وَكَانَتِ ٱلْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً } أي تصير ككثبان الرمال بعد ما كانت حجارة صماء ، ثم إنها تنسف نسفاً فلا يبقى منها شيء إلا ذهب ، حتى تصير الأرض { قَاعاً صَفْصَفاً * لاَّ تَرَىٰ فِيهَا عِوَجاً } [ طه : 106 - 107 ] أي وادياً { وَلاۤ أَمْتاً } [ طه : 107 ] أي رابية ، ومعناه لا شيء ينخفض ولا شيء يرتفع ، ثم قال تعالى مخاطباً لكفار قريش والمراد سائر الناس : { إِنَّآ أَرْسَلْنَآ إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ } أي بأعمالكم ، { كَمَآ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولاً * فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ ٱلرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً } قال ابن عباس { أَخْذاً وَبِيلاً } أي شديداً ، فاحذروا أنتم أن تكذبوا هذا الرسول ، فيصيبكم ما أصاب فرعون حيث أخذه الله أخذ عزيز مقتدر ، كما قال تعالى : { فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلآخِرَةِ وَٱلأُوْلَىٰ } [ النازعات : 25 ] ، وقوله تعالى : { فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ ٱلْوِلْدَانَ شِيباً } أي فكيف تخافون أيها الناس يوماً يجعل الولدان شيباً إن كفرتم بالله ولم تصدقوا به ؟ وكيف يحصل لكم أمان من يوم هذا الفزع العظيم إن كفرتم ؟ ومعنى قوله : { يَوْماً يَجْعَلُ ٱلْوِلْدَانَ شِيباً } أي من شدة أهواله وزلازله وبلابله ، وذلك حين يقول الله تعالى لآدم : ابعث بعث النار ، فيقول : من كم ؟ فيقول من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة ، وقوله تعالى : { السَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ } قال الحسن وقتادة : أي بسببه من شدته ، وهوله ، وقوله تعالى : { كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً } أي كان وعد هذا اليوم مفعولاً ، أي واقعاً لا محالة وكائناً لا محيد عنه .