Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 74, Ayat: 1-10)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

روى البخاري : عن جابر بن عبد الله ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " جاورت بحراء فلما قضيت جواري ، هبطت فنوديت ، فنظرت عن يميني ، فلم أر شيئاً ، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئاً ، ونظرت أمامي فلم أر شيئاً ، ونظرت خلفي فلم أر شيئاً ، فرفعت رأسي فرأيت شيئاً ، فأتيت خديجة ، فقلت : دثروني وصبوا عليَّ ماء بارداً - قال - فدثروني وصبُّوا عليَّ ماء بارداً ، قال : فنزلت : { يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ } " وعن أبي سلمة قال : أخبرني جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدِّث عن فترة الوحي فقال في حديثه : " فبينا أنا أمشي إذْ سمعتُ صوتاً من السماء ، فرفعت بصري قبَل السماء ، فإذا الملك الذي جاءني بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض ، فجثثت منه حتى هويت إلى الأرض ، فجئت إلى أهلي فقلت : زملوني ، زملوني ، فزملوني ، فأنزل : { يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ } - إلى - { فَٱهْجُرْ } " ، قال أبو سلمة : والرجز : الأوثان ، " ثم حمي الوحي وتتابع " وهذا السياق يقتضي أنه قد نزل الوحي قبل هذا لقوله : " فإذا الملك الذي كان بحراء " ، وهو جبريل حين أتاه بقوله : { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ } [ العلق : 1 ] ، ثم إنه حصل بعد هذا فترة ثم نزل الملك بعد هذا ، كما قال الإمام أحمد ، عن جابر بن عبد الله ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه سلم يقول : " ثم فتر الوحي عني فترة ، فبينا أنا أمشي سمعت صوتاً من السماء ، فرفعت بصري قبَل السماء فإذا الملك الذي جاءني قاعد على كرسي بين السماء والأرض ، فجثثت منه فرقاً حتى هويت إلى الأرض ، فجئت أهلي ، فقلت لهم : زملوني ، زملوني ، فزملوني ، فأنزل الله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ } ثم حمي الوحي وتتابع " وروى الطبراني ، عن ابن عباس قال : إن الوليد بن المغيرة صنع لقريش طعاماً فلما أكلوا منه قال : ما تقولون في هذا الرجل ؟ فقال بعضهم : ساحر ، وقال بعضهم : ليس بساحر ، وقال بعضهم : كاهن ، وقال بعضهم : ليس بكاهن ، وقال بعضهم : شاعر ، وقال بعضهم : ليس بشاعر ، وقال بعضهم : بل ساحر يؤثر ، فأجمع رأيهم على أنه سحر يؤثر ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه سلم ، فحزن وقنّع رأسه وتدثر ، فأنزل الله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ * وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَٱصْبِرْ } وقوله تعالى : { قُمْ فَأَنذِرْ } أي شمر عن ساق العزم وأنذر الناس { وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ } أي عظّم { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } سئل ابن عباس عن هذه الآية : { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } فقال : لا تلبسها على معصية ولا على غدرة ، ثم قال : أما سمعت قول غيلان بن سلمة الثقفي : @ فإني بحمد الله لا ثوب فاجر لبست ولا من غدرة أتقنع @@ وفي رواية عنه : فطهر من الذنوب ، وقال مجاهد : { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } قال : نفسك ليس ثيابه ، وفي رواية عنه : أي عملك فأصلح ، وقال قتادة : { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } أي طهرها من المعاصي ، وقال محمد بن سيرين : { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } أي اغسلها بالماء ، وقال ابن زيد : كان المشركون لا يتطهرون ، فأمره الله أن يتطهر وأن يطهر ثيابه ، وهذا القول اختاره ابن جرير ، وقد تشمل الآية جميع ذلك مع طهارة القلب ، فإن العرب تطلق الثياب عليه . وقال سعيد بن جبير { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } وقلبك ونيتك فطهر . وقوله تعالى : { وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ } قال ابن عباس : والرجز وهو الأصنام فاهجر ، وقال الضحّاك { وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ } : أي اترك المعصية ، وعلى كل تقدير ، فلا يلزم تلبسه بشيء من ذلك كقوله تعالى : { يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ } [ الأحزاب : 1 ] . وقوله تعالى : { وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ } ، قال ابن عباس : لا تعط العطية تلتمس أكثر منها ، وقال الحسن البصري : لا تمتن بعملك على ربك تستكثره ، واختاره ابن جرير ، وقال مجاهد : لا تضعف أن تستكثر من الخير ، قال : تمنن في كلام العرب تضعف ، وقال ابن زيد : لا تمنن بالنبوة على الناس تستكثرهم بها تأخذ عليه عوضاً من الدنيا ، فهذه أربعة أقوال ، والأظهر القول الأول ، والله أعلم . وقوله تعالى : { وَلِرَبِّكَ فَٱصْبِرْ } أي اجعل صبرك على أذاهم لوجه ربك عزَّ وجلَّ ، قاله مجاهد . وقال إبراهيم النخعي : اصبر عطيتك لله عزَّ وجلَّ . وقوله تعالى : { فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى ٱلْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ } قال ابن عباس ومجاهد : { ٱلنَّاقُورِ } الصور ، قال مجاهد : وهو كهيئة القرن ، وفي الحديث : " " كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ ؟ " فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : فما تأمرنا يا رسول الله ؟ قال : " قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا " " ، وقوله تعالى : { فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ } أي شديد ، { عَلَى ٱلْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ } أي غير سهل عليهم ، كما قال تعالى : { يَقُولُ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ } [ القمر : 8 ] ، وقد روينا عن ( زرارة بن أوفى ) قاضي البصرة أنه صلى بهم الصبح فقرأ هذه السورة ، فلما وصل إلى قوله تعالى : { فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى ٱلْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ } شهق شهقة ، ثم خرّ ميتاً رحمه الله تعالى .