Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 74, Ayat: 31-37)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى : { وَمَا جَعَلْنَآ أَصْحَابَ ٱلنَّارِ إِلاَّ مَلاَئِكَةً } أي خزانها { إِلاَّ مَلاَئِكَةً } أي زبانية غلاظاً شداداً ، وذلك رد على مشركي قريش حين ذكر عدد الخزنة ، فقال أبو جهل : يا معشر قريش أما يستطيع كل عشرة منكم لواحد منهم فتغلبونهم ، فقال الله تعالى : { وَمَا جَعَلْنَآ أَصْحَابَ ٱلنَّارِ إِلاَّ مَلاَئِكَةً } أي شديدي الخلق لا يقاومون ولا يغالبون ، وقد قيل : إن ( أبا الأشدين ) قال : يا معشر قريش اكفوني منهم اثنين ، وأنا أكفيكم منهم سبعة عشر إعجاباً منه بنفسه ، وكان قد بلغ من القوة فيما يزعمون أنه كان يقف على جلد البقرة . ويجاذبه عشرة لينزعوه من تحت قدميه ، فيتمزق الجلد ولا يتزحزح عنه ، قال السهيلي : وهو الذي دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مصارعته وقال : إن صرعتني آمنت بك ، فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم مراراً فلم يؤمن ، وقوله تعالى : { وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي إنما ذكرنا عدتهم أنهم تسعة عشر اختباراً منا للناس ، { لِيَسْتَيْقِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ } أي يعلمون أن هذا الرسول حق ، فإنه نطق بمطابقة ما بأيديهم من الكتب السماوية المنزلة على الأنبياء قبله ، وقوله تعالى : { وَيَزْدَادَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِيمَاناً } أي إلى إيمانهم بما يشهدون من صدق أخبار نبيهم صلى الله عليه وسلم ، { وَلاَ يَرْتَابَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } أي من المنافقين ، { وَٱلْكَافِرُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا مَثَلاً } أي يقولون ما الحكمة في ذكر هذا هٰهنا ؟ قال الله تعالى : { كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ } وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة ، وقوله تعالى : { وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ } أي ما يعلم عددهم وكثرتهم إلاّ هو تعالى ، لئلا يتوهم متوهم أنهم تسعة عشر فقط ، وقد ثبت في حديث الإسراء في صفة البيت المعمور الذي في السماء السابعة : " فإذا هو يدخله في كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه آخر ما عليهم " . وروى الإمام أحمد ، عن أبي ذر قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " إني أرى ما لا ترون ، وأسمع ما لا تسمعون ، أطّت السماء ، وحق لها أن تئط ، ما فيها موضع أربع أصابع إلاّ عليه ملك ساجد ، لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ولا تلذذتم بالنساء على الفرشات ، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى " فقال أبو ذر : والله لوددت أني شجرة تعضد " ، وعن جابر بن عبد الله قال ، " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما في السماوات السبع موضع قدم ولا شبر ولا كف ، إلاّ وفيه ملك قائم أو ملك ساجد أو ملك راكع ، فإذا كان يوم القيامة قالوا جميعاً سبحانك ما عبدناك حق عبادتك إلاّ أنا لم نشرك بك شيئاً " وعن ابن مسعود أنه قال : " إن من السماوات سماء ما فيها موضع شبر إلاّ وعليه جبهة ملك أو قدماه قائم ، ثم قرأ : { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلصَّآفُّونَ * وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلْمُسَبِّحُونَ } " وروى محمد بن نصر ، عن عباد بن منصور قال : سمعت عدي بن أرطأة وهو يخطبنا على منبر المدائن قال : سمعت رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن لله تعالى ملائكة ترعد فرائصهم من خيفته ، ما منهم ملك تقطر منه دمعة من عينه إلاّ وقعت على ملك يصلي ، وإن منهم ملائكة سجوداً منذ خلق السماوات والأرض لم يرفعوا رؤوسهم ولا يرفعونها إلى يوم القيامة ، فإذا رفعوا رؤوسهم نظروا إلى وجه الله عزَّ وجلَّ قالوا : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك " وقوله تعالى : { وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ } أي النار التي وصفت { إِلاَّ ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ } ، ثم قال تعالى : { كَلاَّ وَٱلْقَمَرِ * وَٱللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ } أي وّلى { وَٱلصُّبْحِ إِذَآ أَسْفَرَ } أي أشرق { إِنَّهَا لإِحْدَى ٱلْكُبَرِ } أي العظائم يعني النار ، قاله ابن عباس ومجاهد ، { نَذِيراً لِّلْبَشَرِ * لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ } أي لمن شاء أن يقبل النذارة ويهتدي للحق ، أو يتأخر عنها ويولي ويردها .