Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 76, Ayat: 23-31)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ممتناً على رسوله صلى الله عليه وسلم بما أنزله عليه من القرآن العظيم ، { فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ } أي كما أكرمتك بما أنزلت عليك فٱصْبِرْ على قضائه وقدره ، واعلم أنه سيدبرك بحسن تدبيره ، { وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً } أي لا تطع الكافرين والمنافقين إن أرادوا صدك عما أنزل إليك ، بل بلغ ما أنزل إليك من ربك وتوكل على الله فإن الله يعصمك من الناس ، فالآثم هو الفاجر في أفعاله والكفور هو الكافر قلبه ، { وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } أي أول النهار وآخره ، { وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَٱسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً } ، كقوله تعالى : { وَمِنَ ٱلْلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ } [ الإسراء : 79 ] الآية ، وكقوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ * قُمِ ٱلَّيلَ إِلاَّ قَلِيلاً } [ المزمل : 1 - 2 ] ، ثم قال تعالى منكراً على الكفّار ومن أشبههم حب الدنيا والإقبال عليها ، وترك الدار الآخرة وراء ظهورهم ، { إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ يُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً } يعني يوم القيامة ، ثم قال تعالى : { نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ } ، قال ابن عباس ومجاهد : يعني خلقهم { وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَآ أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً } أي وإذا شئنا بعثناهم يوم القيامة ، وبدلناهم فأعدناهم خلقاً جديداً ، وهذا استدلال بالبداءة على الرجعة ، وقال ابن جرير : { وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَآ أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً } أي وإذا شئنا أتينا بقوم آخرين غيرهم كقوله تعالى : { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا ٱلنَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ ذٰلِكَ قَدِيراً } [ النساء : 133 ] ، وكقوله تعالى : { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُـمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ } [ إبراهيم : 19 - 20 ، فاطر : 16 - 17 ] ثم قال تعالى : { إِنَّ هَـٰذِهِ تَذْكِرَةٌ } يعني هذه السورة تذكرة ، { فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً } أي طريقاً ومسلكاً ، أي من شاء اهتدى بالقرآن ، { وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ } أي لا يقدر أحد أن يهدي نفسه ولا يدخل في الإيمان ولا يجر لنفسه نفعاً { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } أي عليم بمن يستحق الهداية فييسرها له ويقيض له أسبابها ، ومن يستحق الغواية فيصرفه عن الهدى ، وله الحكمة البالغة ، والحجة الدامغة ، ولهذا قال تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } ، ثم قال : { يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ وَٱلظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } أي يهدي من يشاء ويضل من يشاء ، فمن يهده فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له .