Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 25-25)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يحذر تعالى عباده المؤمنين { فِتْنَةً } أي اختباراً ومحنة يعم بها المسيء وغيره ، لا يخص بها أهل المعاصي ، ولا من باشر الذنب ، بل يعمهما حيث لم تدفع وترفع ، كما قال الإمام أحمد عن مطرف ، قال : قلنا للزبير يا أبا عبد الله ما جاء بكم ؟ ضيّعتم الخليفة الذي قتل ، ثم جئتم تطلبون بدمه ؟ فقال الزبير رضي الله عنه : إنا قرأنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم : { وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً } ، لم نكن نحسب أنا أهلها حتى وقعت منا حيث وقعت . وروى ابن جرير عن الحسن قال ، قال الزبير : لقد خوفنا - يعني قوله تعالى : { وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً } ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما ظننا أنا خصصنا بها خاصة ؛ وقال الحسن في هذه الآية : نزلت في ( علي ، وعمار ، وطلحة ، والزبير ) رضي الله عنهم ، وقال الزبير : لقد قرأت هذه الآية زماناً وما أرانا من أهلها فإذا نحن المعنيون بها { وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً } ، وقال السدي : نزلت في أهل بدر خاصة فأصابتهم يوم الجمل فاقتتلوا ، وقال ابن عباس : { لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً } يعني أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، وقال في رواية له عن ابن عباس في تفسير هذه الآية : أمر الله المؤمنين أن يقروا المنكر بين ظهرانيهم فيعمهم الله بالعذاب ، وهذا تفسير حسن جداً ، ولهذا قال مجاهد : هي أيضاً لكم ، والقول بأن هذا التحذير يعم الصحابة وغيرهم وإن كان الخطاب معهم هو الصحيح ويدل عليه الأحاديث الواردة في التحذير من الفتن ، عن عدي بن عميرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله عزَّ وجلَّ لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه ، فإذا فعلوا ذلك عذّب الله الخاصة والعامة " . ( حديث آخر ) : قال الإمام أحمد عن حذيفة بن اليمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً من عنده ، ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم " ، وقال حذيفة رضي الله عنه : إن كان الرجل ليتكلم بالكلمة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصير منافقاً ، وإني لأسمعها من أحدكم من المقعد الواحد أربع مرات ، لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر ، ولتحاضُنَّ على الخير ، أو ليسحتكم الله جميعاً بعذاب ، أو ليؤمرن عليكم شراركم ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم . ( حديث آخر ) : قال الإمام أحمد أيضاً عن عامر رضي الله عنه قال : سمعت النعمان بن بشير يخطب يقول - وأومأ بأصبعيه إلى أذنيه - يقول : مثل القائم على حدود الله والواقع فيها والمدهن فيها كمثل قوم ركبوا سفينة فأصاب بعضهم أسفلها وأوعرها وشرها ، وأصاب بعضهم أعلاها ، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا الماء مروا على من فوقهم فآذوهم ، فقالوا : لو خرقنا في نصيبنا خرقاً فاستقينا منه ولم نؤذ من فوقنا ! فإن تركوهم وأمرهم هلكوا جميعاً ، وإن أخذوا على أيديهم نجوا جميعاً . ( حديث آخر ) : عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم الله بعذاب من عنده " فقلت ؟ يا رسول الله أما فيهم أنا صالحون ؟ قال : " بلى " قالت : فكيف يصنع أولئك ؟ قال : " يصيبهم ما أصاب الناس ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان " وفي رواية : " ما من قوم يعملون بالمعاصي وفيهم رجل أعز منهم وأمنع لا يغيّره ، إلا عمهم الله بعقاب أو أصابهم العقاب " وفي أخرى عن عائشة ترفعه : " " إذا ظهر السوء في الأرض أنزل الله بأهل الأرض بأسه " فقلت : وفيهم أهل طاعة الله ؟ قال : " نعم ثم يصيرون إلى رحمة الله " " .