Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 45-46)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا تعليم من الله تعالى لعباده المؤمنين آداب اللقاء وطريق الشجاعة عند مواجهة الأعداء فقال : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَٱثْبُتُواْ } . وفي " الصحيحين " : " " يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية ، فإذا لقيتموهم فاصبروا ، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف " ، ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم وقال : " اللهم منزل الكتاب ، ومجري السحاب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم وانصرنا عليهم " " وفي الحديث : " إن الله يحب الصمت عند ثلاث : عند تلاوة القرآن ، وعند الزحف ، وعند الجنازة " وفي الحديث الآخر المرفوع يقول الله تعالى : " إن عبدي كل عبدي الذي يذكرني وهو مناجزٌ قرنه " أي لا يشغله ذلك الحال عن ذكري ودعائي واستعانتي . وقال قتادة : افترض الله ذكره عند أشغل ما يكون ، عند الضرب بالسيوف . وعن كعب الأحبار قال : ما من شيء أحب إلى الله تعالى من قراءة القرآن والذكر ، ولولا ذلك ما أمر الناس بالصلاة والقتال ، ألا ترون أنه أمر الناس بالذكر عند القتال فقال : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَٱثْبُتُواْ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ } . فأمر تعالى بالثبات عند قتال الأعداء والصبر على مبارزتهم ، فلا يفروا ولا ينكلوا ولا يجبنوا ، وأن يذكروا الله في تلك الحال ولا ينسوه . بل يستعينوا به ، ويتوكلوا عليه ، ويسألوه النصر على أعدائهم ، ولا يتنازعوا فيما بينهم أيضاً فيختلفوا ، فيكون سبباً لتخاذلهم وفشلهم . { وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } أي قوتكم وحدتكم وما كنتم فيه من الإقبال { وَٱصْبِرُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ } وقد كان للصحابة رضي الله عنهم في باب الشجاعة والائتمار بما أمرهم الله ورسوله به ، وامتثال ما أرشدهم إليه ما لم يكن لأحد من الأمم والقرون قبلهم ، ولا يكون لأحد ممن بعدهم ، فإنهم ببركة الرسول صلى الله عليه وسلم وطاعته فيما أمرهم فتحوا القلوب والأقاليم شرقاً وغرباً في المدة اليسيرة ، مع قلة عددهم بالنسبة إلى جيوش سائر الأقاليم ، وقهروا الجميع حتى علت كلمة الله وظهر دينه على سائر الأديان ، وامتدت الممالك الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها في أقل من ثلاثين سنة ، فرضي الله عنهم وأرضاهم .