Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 50-51)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى : ولو عاينت يا محمد حال توفي الملائكة أرواح الكفار ، لرأيت أمراً عظيماً هائلاً فظيعاً منكراً ، إذ { يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } . قال ابن عباس : إذا أقبل المشركون بوجوههم إلى المسلمين ضربوا وجوههم بالسيوف ، وإذا ولو أدركتهم الملائكة يضربون أدبارهم ، وقال مجاهد في قوله : { يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ } يوم بدر ، وقال سعيد بن جبير { يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ } قال : وأستاههم ، ولكنَّ الله يكني ؛ والسياق وإن كان سببه وقعة بدر ، ولكنه عام في حق كل كافر ، ولهذا قال تعالى : { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمَلاۤئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ } وفي سورة القتال مثلها ، وتقدم قوله تعالى : { وَلَوْ تَرَىۤ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ ٱلْمَوْتِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ بَاسِطُوۤاْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوۤاْ أَنْفُسَكُمُ } [ الأنعام : 93 ] أي باسطو أيديهم بالضرب فيهم بأمر ربهم إذا استصعبت أنفسهم ، وامتنعت من الخروج من الأجساد أن تخرج قهراً ، وذلك إذا بشروهم بالعذاب والغضب من الله ، كما في حديث البراء : " أن ملك الموت إذا جاء الكافر عند احتضاره في تلك الصورة المنكرة يقول : اخرجي أيتها النفس الخبيثة إلى سموم وحميم وظل من يحموم ، فتتفرق في بدنه ، فيستخرجونها من جسده كما يخرج السفود من الصوف المبلول ، فتخرج معها العروق والعصب " ، ولهذا أخبر تعالى أن الملائكة تقول لهم : ذوقوا عذاب الحريق ، وقوله تعالى : { ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ } أي هذا الجزاء بسبب ما عملتم من الأعمال السيئة في حياتكم الدنيا ، جازاكم الله بها هذا الجزاء ، { وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } : أي لا يظلم أحداً من خلقه ، بل هو الحكم العدل الذي لا يجور ، تبارك وتقدس الغني الحميد ، ولهذا جاء في الحديث القدسي الصحيح : " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ، فمن وجد خيراً فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه " .