Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 59-60)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : { وَلاَ يَحْسَبَنَّ } يا محمد { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُوۤاْ } أي فاتونا فلا نقدر عليهم ، بل هم تحت قهر قدرتنا وفي قبضة مشيئتنا فلا يعجزوننا ، كقوله تعالى : { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } [ العنكبوت : 4 ] أي يظنون ، وقوله تعالى : { لاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ وَلَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } [ النور : 57 ] ، وقوله تعالى : { لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } [ آل عمران : 196 - 197 ] . ثم أمر تعالى بإعداد آلات الحرب لمقاتلتهم حسب الطاقة والإمكان والاستطاعة فقال : { وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ } أي مهما أمكنكم { مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ } . عن عقبة بن عامر قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر : { وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ } ، ألا إن القوة الرمي ، إلا إن القوة الرمي " وروى الإمام أحمد وأهل السنن عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ارموا واركبوا وأن ترموا خير من أن تركبوا " وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " " الخيل لثلاثة : لرجل أجر ، ولرجل ستر ، وعلى رجل وزر . فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال لها في مرج أو روضة ، فما أصابت في طيلها ذلك من المرج أو الروضة كانت له حسنات ، ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفاً أو شرفين كانت آثارهما ، وأرواثها حسنات له ، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقى به كان ذلك حسنات له ، فهي لذلك الرجل أجر ، ورجل ربطها تغنياً وتعففاً ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها فهي له ستر ، ورجل ربطها فخراً ورياء ونواء فهي على ذلك وزر " . وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمر ؟ فقال : " ما أنزل الله عليّ فيها شيئاً إلا هذه الآية الجامعة الفاذة " : { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } " وقد ذهب أكثر العلماء إلى أن الرمي أفضل من ركوب الخيل ، وذهب الإمام مالك إلى أن الركوب أفضل من الرمي ؛ وقول الجمهور أقوى للحديث والله أعلم . وفي الحديث : " الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، وأهلها معانون عليها ، ومن ربط فرساً في سبيل الله كانت النفقة عليه كالماد يده بالصدقة لا يقبضها " وفي " صحيح البخاري " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة الأجر والمغنم " وقوله : { تُرْهِبُونَ } أي تخوفون { بِهِ عَدْوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ } أي من الكفار { وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ } ، قال مجاهد : يعني بني قريظة ، وقال السدي : فارس ، وقال سفيان الثوري : هم الشياطين التي في الدور ، وقال مقاتل : هم المنافقون ، وهذا أشبه الأقوال ، ويشهد له قوله تعالى : { وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ } [ التوبة : 101 ] ، وقوله : { وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ } أي مهما أنفقتم في الجهاد فإنه يوف إليكم على التمام والكمال ، ولهذا جاء في الحديث الذي رواه أبو داود أن الدرهم يضاعف ثوابه في سبيل الله إلى سبعمائة ضعف كما تقدم في قوله تعالى : { مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَٱللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [ البقرة : 261 ] .