Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 83, Ayat: 1-6)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلاً ، فأنزل الله تعالى : { وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ } فحسنوا الكيل بعد ذلك " ، وروى ابن جرير ، عن عبد الله قال : قال له رجل : يا أبا عبد الرحمٰن إن أهل المدينة ليوفون الكيل ، قال : وما يمنعهم أن يوفوا الكيل ، وقد قال الله تعالى : { وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ } - حتى بلغ - { يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } ، والمراد بالتطفيف هٰهنا البخس في المكيال والميزان . إما بالازدياد إن اقتضى من الناس ، وإما النقصان إن قضاهم ، ولهذا فسر تعالى المطففين الذين وعدهم بالخسار والهلاك بقوله تعالى : { إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ } أي من الناس { يَسْتَوْفُونَ } أي يأخذون حقهم بالوافي الزائد ، { وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } أي ينقصون ، والأحسن أن يجعل " كالوا ووزنوا " متعدياً ويكون ( هم ) في محل نصب ، وقد أمر الله تعالى بالوفاء في الكيل والميزان فقال تعالى : { وَأَوْفُوا ٱلْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ } [ الإسراء : 35 ] ، وقال تعالى : { وَأَقِيمُواْ ٱلْوَزْنَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُواْ ٱلْمِيزَانَ } [ الرحمٰن : 9 ] ، وأهلك الله قوم شعيب ودمرهم على ما كانوا يبخسون الناس في الميزان والمكيال ، ثم قال تعالى متوعداً لهم : { أَلا يَظُنُّ أُوْلَـٰئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ } ؟ أي ما يخاف أولئك من البعث والقيام بين يدي من يعلم السرائر والضمائر ، في يوم عظيم الهول ، كثير الفزع جليل الخطب ، من خسر فيه أدخل ناراً حامية ؟ وقوله تعالى : { يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } أي يقومون حفاة عراة ، في موقف صعب حرج ، ضيق على المجرم ، ويغشاهم من أمر الله تعالى ما تعجز القوى والحواس عنه ، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " " يوم يقوم الناس لرب العالمين " حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه " ، وفي رواية لأحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يوم يقوم الناس لرب العالمين ، لعظمة الرحمٰن عزَّ وجلَّ يوم القيامة ، حتى إن العرق ليلجم الرجال إلى أنصاف آذانهم " حديث آخر : وروى الإمام أحمد عن المقداد بن الأسود الكِنْدي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا كان يوم القيامة أدنيت الشمس من العباد حتى تكون قدر ميل أو ميلين - قال - فتصهرهم الشمس فيكونون في العرق كقدر أعمالهم ، منهم من يأخذه إلى عقبيه ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه ، ومنهم من يأخذه إلى حقويه ، ومنهم من يلجمه إلجاماً " حديث آخر : روى الإمام أحمد ، عن عقبة بن عامر قال ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " تدنو الشمس من الأرض فيعرق الناس ، فمن الناس من يبلغ عرقه عقبيه ، ومنهم من يبلغ إلى نصف الساق ، ومنهم من يبلغ ركبتيه ، ومنهم من يبلغ العجز ، ومنهم من يبلغ الخاصرة ، ومنهم من يبلغ منكبيه ، ومنهم من يبلغ وسط فيه - وأشار بيده فألجمها فاه - رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بيده هكذا - ومنهم من يغطيه عرقه " وضرب بيده ، إشارة ، وفي " سنن أبي داود " " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ بالله من ضيق المقام يوم القيامة " ، وعن ابن مسعود : يقومون أربعين سنة رافعي رؤوسهم إلى السماء لا يكلمهم أحد قد ألجم العرق برهم وفاجرهم .