Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 85, Ayat: 11-22)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عن عباده المؤمنين أن { لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } بخلاف ما أعد لأعدائه من الحريق والجحيم . ولهذا قال : { ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْكَبِيرُ } ، ثم قال تعالى : { إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ } أي إن بطشه وانتقامه من أعدائه ، الذين كذبوا رسله وخالفوا أمره ، لشديد عظيم قوي ، فإنه تعالى ذو القوة المتين ، ولهذا قال تعالى : { إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ } أي من قوته وقدرته التامة ، يبدىء الخلق ويعيده ، كما بدأه بلا ممانع ولا مدافع { وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلْوَدُودُ } أي يغفر ذنب من تاب إليه وخضع لديه ، و { ٱلْوَدُودُ } قال ابن عباس : هو الحبيب { ذُو ٱلْعَرْشِ } أي صاحب العرش العظيم العالي على جميع الخلائق ، و { ٱلْمَجِيدُ } فيه قراءتان : الرفع على أنه صفة للرب عزَّ وجلَّ ، والجر على أنه صفة للعرش ، وكلاهما معنى صحيح ، { فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ } أي مهما أراد فعله لا معقب لحكمه ، ولا يسأل عما يفعل لعظمته وقهره وعدله ، كما روينا عن أبي بكر الصدّيق أنه قيل له وهو في مرض الموت : هل نظر إليك الطبيب ، قال : نعم ، قالوا : فما قال لك ؟ قال لي : إني فعال لما أريد ، وقوله تعالى : { هَلُ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْجُنُودِ * فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ } أي هل بلغك ما أحل الله بهم من البأس ، وأنزل عليهم من النقمة التي لم يردها عنهم أحد ؟ وهذا تقرير لقوله تعالى : { إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ } أي إذا أخذ الظالم أخذه أخذاً أليماً شديداً أخذ عزيز مقتدر ، عن عمرو بن ميمون قال : " مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة تقرأ : { هَلُ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْجُنُودِ } فقام يستمع فقال : " نعم قد جاءني " " وقوله تعالى : { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي تَكْذِيبٍ } أي هم في شك وريب وكفر وعناد ، { وَٱللَّهُ مِن وَرَآئِهِمْ مُّحِيطٌ } أي هو قادر عليهم قاهر لا يفوتونه ولا يعجزونه ، { بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ } أي عظيم كريم ، { فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ } أي هو في الملأ الأعلى ، محفوظ من الزيادة والنقص ، والتحريف والتبديل ، روى ابن أبي حاتم عن عبد الرحمٰن بن سلمان قال : " ما من شيء قضى الله ، القرآن فما قبله وما بعده ، إلاّ وهو في اللوح المحفوظ ، واللوح المحفوظ بين عيني إسرافيل لا يؤذن له بالنظر فيه " وقال الحسن البصري : إن هذا القرآن المجيد عند الله في لوح محفوظ ، ينزل منه ما يشاء على من يشاء من خلقه ، وقد روى البغوي عن ابن عباس قال : " إن في صدر اللوح : لا إلٰه إلاّ الله وحده ، دينه الإسلام ، ومحمد عبده ورسوله ، فمن آمن بالله وصدق بوعده واتبع رسله أدخله الجنة " وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله تعالى خلق لوحاً محفوظاً من درة بيضاء صفحاتها من ياقوتة حمراء ، قلمه نور ، وكتابه نور ، لله فيه في كل يوم ستون وثلاثمائة لحظة ، يخلق ويرزق ويميت ويحيي ويعز ويذل ويفعل ما يشاء " .