Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 37-37)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا مما ذم الله تعالى به المشركين من تصرفهم في شرع الله بآرائهم الفاسدة ، وتحليلهم ما حرم الله وتحريمهم ما أحل الله ، فإنهم كان فيهم من القوة والعصبية ، ما استطالوا به مدة الأشهر الثلاثة في التحريم ، المانع لهم من قتال أعدائهم ، فكانوا قد احدثوا قبل الإسلام بمدة تحليل المحرم فأخروه إلى صفر ، فيحلون الشهر الحرام ، ويحرمون الشهر الحلال ، ليواطئوا عدة ما حرم الله . قال ابن عباس : النسيء أن جنادة الكناني كان يوافي الموسم في كل عام ، وكان يكنى أبا ثمامة ، فينادي : ألا إن أبا ثمامة لا يجاب ولا يعاب ، ألا وإن صفر العام الأول العام حلال فيحله للناس ، فيحرم صفراً عاماً ويحرم المحرم عاماً ، فذلك قول الله : { إِنَّمَا ٱلنَّسِيۤءُ زِيَادَةٌ فِي ٱلْكُفْرِ } يقول : يتركون عاماً وعاماً - يحرمونه وعن مجاهد : كان رجل من بني كنانة يأتي كل عام إلى الموسم على حمار له فيقول أيها الناس : إني لا أعاب ولا أجاب ولا مرد لما أقول ، إنا قد حرمنا المحرم وأخرنا صفر ؛ ثم يجيء العام المقبل بعده ، فيقول مثل مقالته ، ويقول : إنا قد حرمنا صفر وأخرنا المحرم ، فهو قوله : { لِّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ } قال : يعني الأربعة فيحلوا ما حرم الله بتأخير هذا الشهر الحرام ، فإنهم لما كانوا يحلون شهر الحرام عاماً يحرمون عوضه صفراً وبعده ربيع وربيع إلى آخر السنة بحالها على نظامها وعدتها وأسماء شهورها ، ثم في السنة الثانية يحرمون المحرم ويتركونه على تحريمه وبعده صفر وربيع وربيع إلى آخرها فيحلونه عاماً ويحرمونه عاماًً { لِّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ } : أي في تحريم أربعة أشهر من السنة ، إلا أنهم تارة يقدمون تحريم الشهر الثالث من الثلاثة المتوالية وهو المحرم ، وتارة ينسئونه إلى صفر أي يؤخرونه ، وقد قدمنا الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم : " إن الزمان قد استدار " الحديث : أي إن الأمر في عدة الشهور ، وتحريم ما هو محرم منها ، على ما سبق في كتاب الله من العدد والتوالي ، لا كما تعتمده جهلة العرب من فصلهم تحريم بعضها بالنسيء عن بعض والله أعلم . وقال محمد بن إسحاق : كان أول من نسأ الشهور على العرب فأحل منها ما حرم الله وحرم منها ما أحل الله عزّ وجلّ ( القلمس ) ، ثم قام بعده على ذلك ابنه عباد ، ثم من بعد عباد ابنه قلع بن عباد ، ثم ابنه أمية بن فلع ، ثم ابنه عوف بن أمية ، ثم ابنه أبو ثمامة جنادة بن عوف ، وكان آخرهم ، وعليه قام الإسلام ، فكانت العرب إذا فرغت من حجها اجتمعت إليه ، فقام فيهم خطيباً ، فحرم رجباً وذا القعدة وذا الحجة ، ويحل المرحم عاماً ، ويجعل مكانه صفر ، ويحرمه عاماً ليواطئ عدة ما حرم الله فيحل ما حرم الله ويحرم ما أحل الله ، والله أعلم .