Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 84-84)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبرأ من المنافقين ، وأن لا يصلي على أحد منهم إذا مات ، وأن لا يقوم على قبره ليستغفر له أو يدعو له لأنهم كفروا بالله ورسوله وماتو عليه ؛ وهذا حكم عام في كل من عرف نفاقه ، وإن كان سبب نزول الآية في ( عبد الله بن أبي سلول ) رأس المنافقين . كما قال البخاري " عن نافع عن ابن عمر قال : لما توفي عبد الله بن أبي ، جاء ابنه عبد الله بن عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه ، فأعطاه ، ثم سأله أن يصلي عليه ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه ، فقام عمر ، فأخذ بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله تصلي عليه ، وقد نهاك ربك أن تصلي عليه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما خيرني الله فقال : { ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ } وسأزيده على سبعين " ، قال : إنه منافق ، قال : فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله عزَّ وجلَّ آية : { وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ } " وعن عباس قال : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : " لما توفي ( عبد الله بن أبي ) دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه ، فقام إليه ، فلما وقف عليه يريد الصلاة عليه تحولت حتى قمت في صدره ، فقلت : يا رسول الله أعلى عدو الله ( عبد الله بن أبي ) القائل يوم كذا وكذا وكذا - يعدّد أيامه - ؟ قال : ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسم ، حتى إذا أكثرت عليه قال : " أخّر عني يا عمر ، إني خيرت فاخترت ، قد قيل لي : { ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ } الآية ، لو أعلم أني لو زدت على السبعين غفر له لزدت " ، قال : ثم صلى عليه ، ومشى معه ، وقام على قبره حتى فرغ منه ، قال : فعجبتُ من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله ورسوله أعلم ، قال : فوالله ما كان إلا يسيراً حتى نزلت هاتان الآيتان : { وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً } الآية ، فما صلى الله عليه وسلم بعده على منافق ، ولا قام على قبره حتى قبضه الله عزَّ وجلَّ " ، وروى الإمام أحمد عن جابر قال : " لما مات عبد الله بن أبي أتى ابنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إنك إن لم تأته لم نزل نعيّر بهذا ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فوجده قد أدخل في حفرته ، فقال : " أفلا قبل أن تدخلوه " ، فأخرج من حفرته ، وتفل عليه من ريقه من قرنه إلى قدمه وألبسه قميصه " وقال البخاري : " أتى النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي بعدما أدخل في قبره ، فأمر به فأخرج ، ووضع على ركبتيه ، ونفث عليه من ريقه ، وألبسه قميصه ، والله أعلم " . وقال قتادة : " أرسل عبد الله بن أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مريض ، فلما دخل عليه قال له النبي صلى الله عليه وسلم : " أهلكت حب يهود " قال : يا رسول الله إنما أرسلت إليك لتستغفر لي ولم أرسل إليك لتؤنبني ، ثم سأله عبد الله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه ، فأعطاه إياه وصلى عليه وقام على قبره " ، فأنزل الله عزَّ وجلَّ : { وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً } الآية ، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية الكريمة عليه لا يصلي على أحد من المنافقين ، ولا يقوم على قبره ، كما قال قتادة : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعي إلى جنازة سأل عنها ، فإن أثني عليها خيراً قام فصلى عليها ، وإن كان غير ذلك قال لأهلها ، " شأنكم بها " ، ولم يصل عليها ؛ وكان عمر بن الخطاب لا يصلي على جنازة من جهل حاله حتى يصلي عليها ( حذيفة بن اليمان ) لأنه كان يعلم أعيان المنافقين ، قد أخبره بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولهذا كان يقال له : ( صاحب السر ) الذي لا يعلمه غيره أي من الصحابة ، ولما نهى الله عزَّ وجلَّ عن الصلاة على المنافقين والقيام على قبورهم للاستغفار لهم كان هذا الصنيع من أكبر القربات في حق المؤمنين فشرع ذلك ، وفي فعله الأجر الجزيل ، كما ثبت في " الصحاح " : " " من شهد الجنازة حتى يصلي عليها فله قيراط ، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان " قيل : وما القيراطان ؟ قال : " أصغرهما مثل أُحُد " " ؛ وأما القيام عند قبر المؤمن إذا مات فروى أبو داود عن عثمان رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال : استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت ، فإنه الآن يسأل " .