Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 90, Ayat: 11-20)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

روى ابن جرير عن ابن عمر في قوله تعالى : { فَلاَ ٱقتَحَمَ } أي دخل { ٱلْعَقَبَةَ } قال : جبل في جهنم ، وقال كعب الأحبار ، هو سبعون درجة في جهنم ، وقال الحسن البصري : عقبة في جهنم ، وقال قتادة : إنها عقبة قحمة شديدة فاقتحموها بطاعة الله تعالى : { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْعَقَبَةُ } ؟ ثم أخبر تعالى عن اقتحامها فقال : { فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ } ، وقال ابن زيد : { فَلاَ ٱقتَحَمَ ٱلْعَقَبَةَ } أي أفلا سلك الطريق التي فيها النجاة والخير ، ثم بينها فقال تعالى : { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ } ، عن سعيد بن مرجانة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل إرب - أو عضو - منها إرباً منه من النار حتى إنه ليعتق باليد اليد ، وبالرجل الرجل ، وبالفرج الفرج " ، فقال علي بن الحسين : أنت سمعت هذا من أبي هريرة ؟ فقال : سعيد : نعم ، فقال علي بن الحسين لغلام له أفره غلمانه ، ادع مطرفاً ، فلما قام بين يديه ، قال : اذهب فأنت حر لوجه الله " وعند مسلم أن هذا الغلام الذي أعتقه علي بن الحسين بن زين العابدين كان قد أعطي فيه عشرة آلاف درهم ، وعن عمرو بن عبسة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من بنى مسجداً ليذكر الله فيه بنى الله له بيتاً في الجنة ، ومن أعتق نفساً مسلمة كانت فديته من جهنم ، ومن شاب شيبة في الإسلام كانت له نوراً يوم القيامة " وفي الحديث : " من ولد له ثلاثة أولاد في الإسلام فماتوا قبل أن يبلغوا الحنث أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم ، ومن شاب شيبة في سبيل الله كانت له نوراً يوم القيامة ، ومن رمى بسهم في سبيل الله بلغ به العدو أصاب أو أخطأ كان له عتق رقبة ، ومن أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منه عضواً منه من النار ، و من أعتق زوجين في سبيل الله فإن للجنة ثمانية أبواب يدخله الله من أي باب شاء منها " وهذه أسانيد جيدة قوية ولله الحمد . وقوله تعالى : { أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ } قال ابن عباس : ذي مجاعة ، والسغب : هو الجوع ، وقال النخعي : في يوم الطعامُ فيه عزيز ، وقال قتادة : في يوم مشتهى فيه الطعام ، وقوله تعالى : { يَتِيماً } أي أطعم في مثل هذا اليوم يتيماً { ذَا مَقْرَبَةٍ } أي ذا قرابة منه ، كما جاء في الحديث الصحيح : " الصدقة على المسكين صدقة ، وعلى ذي الرحم اثنتان ، صدقة وصلة " وقوله تعالى : { أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } أي فقيراً مدقعاً لاصقاً بالتراب ، وهو الدقعاء أيضاً ، قال ابن عباس : ذا متربة هو المطروح في الطريق ، الذي لا بيت له ولا شيء يقيه من التراب ، وفي رواية : هو الذي لصق بالدقعاء من الفقر والحاجة ليس له شيء ، وقال عكرمة : هو الفقير المدين المحتاج ، وقال سعيد بن جبير : هو الذي لا أحد له ، وقال قتادة : هو ذو العيال ، وكل هذه قريبة المعنى ، وقوله تعالى : { ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } أي ثم هو مع هذه الأوصاف الجميلة الطاهرة مؤمن بقلبه ، محتسب ثواب ذلك عند الله عزَّ وجلَّ ، كما قال تعالى : { وَمَنْ أَرَادَ ٱلآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً } [ الإسراء : 19 ] ، وقاله تعالى : { وَتَوَاصَواْ بِٱلصَّبْرِ وَتَوَاصَواْ بِٱلْمَرْحَمَةِ } أي كان من المؤمنين العاملين صالحاً ، " المتواصين بالصبر على أذى الناس ، وعلى الرحمة بهم " ، كما جاء في الحديث : " الراحمون يرحمهم الرحمٰن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " وعن عبد الله بن عمرو يرويه قال : " من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا " ، وقوله تعالى : { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ } أي المتصفون بهذه الصفات من أصحاب اليمين ، ثم قال : { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ } أي أصحاب الشمال ، { عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ } أي مطبقة عليهم فلا محيد لهم عنها ، ولا خروج لهم منها ، قال أبو هريرة { مُّؤْصَدَةٌ } أي مطبقة ، وقال ابن عباس : مغلقة الأبواب ، وقال مجاهد : أصد الباب أي أغلقه ، وقال الضحّاك { مُّؤْصَدَةٌ } حيط لا باب له ، وقال قتادة : { مُّؤْصَدَةٌ } : مطبقة فلا ضوء فيها ولا فرج ولا خروج منها آخر الأبد ، وقال أبو عمران الجوني : إذا كان يوم القيامة أمر الله بكل جبار وكل شيطان ، وكل من كان يخاف الناس في الدنيا شره ، فأوثقوا بالحديد ، ثم أمر بهم إلى جهنم ثم أوصدوها عليهم أي أطبقوها ، قال : فلا والله لا تستقر أقدامهم على قرار أبداً ، ولا والله لا ينظرون فيها إلى أديم سماء أبداً ، ولا والله لا تلتقي جفون أعينهم على غمض نوم أبداً ، ولا والله لا يذوقون فيها بارد شراب أبداً .