Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 59-59)
Tafsir: Rawāʾiʿ al-bayān tafsīr ʿāyāt al-aḥkām
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
[ 7 ] حجاب المرأة المسلمة التحليل اللفظي { لأَزْوَٰجِكَ } : المراد بكلمة الأزواج ( أمهات المؤمنين ) الطاهرات رضوان الله عليهن ، ولفظ الزوج في اللغة يطلق على الذكر والأنثى ، قال تعالى : { ٱسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ } [ البقرة : 35 ] ، { وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا } [ الأعراف : 189 ] . وإطلاق لفظ ( الزوجة ) صحيح ولكنه خلاف الأفصح . وأنكر الأصمعي لفظ ( زوجة ) بالهاء ، وقال : هي زوج لا غير ، واحتجّ بأنه لم يرد في القرآن إلا بدون هاء { أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ } [ الأحزاب : 37 ] والصحيح أنه خلاف الأفصح وليس بخطأ قال الفرزدق : @ وإن الذي يسعى يحرّش زوجتي كساعٍ إلى أُسْد الشّرى يستبيلها @@ وفي حديث عمّار بن ياسر قوله عن السيدة عائشة ( والله إني لأعلم أنها زوجة نبيكم في الدنيا والآخرة ، ولكنّ الله ابتلاكم بها ليعلم أتطيعونه أو تطيعونها ) . { يُدْنِينَ } : أي يسدلن ويرخين . وأصل الإدناء التقريب ، يقال للمرأة إذا زلّ الثوب عن وجهها : أدني ثوبك على وجهك ، والمراد في الآية الكريمة : يغطين وجوههن وأبدانهن ليميزن عن الإماء والقينات ، ولما كان متضمناً معنى الإرخاء والسّدل عدّي بعلى { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ } . { جَلَٰبِيبِهِنَّ } : جمع جلباب ، وهو الثوب الذي يستر جميع البدن ، قال الشهاب : هو إزار يلتحف به ، وقيل : هو المِلحفة وكل ما يغطي سائر البدن . قال في " لسان العرب " : الجلباب ثوب أوسع من الخمار ، دون الرداء ، تغطي به المرأة رأسها وصدرها ، وقيل : هو الملحفة ، قالت امرأة من هذيل ترثي قتيلاً لها : @ تمشي النُّسوْر إليهِ وهي لاهيةٌ مشيَ العذَارَى عليهنّ الجلابيبُ @@ وقيل جلباب المرأة : ملاءتها التي تشتمل بها ، واحدها جلباب ، والجماعة جلابيب ، وأنشدوا : @ مُجلْببٌ من سوادِ الليل جلباباً @@ وفي " الجلالين " : الجلابيب جمع جلباب ، وهي المِلاءة التي تشتمل بها المرأة . قال ابن عباس : أُمر نساءُ المؤمنين أن يغطّين رؤوسهن ووجوههن بالجلابيب ، إلا عيناً واحدة ليُعْلم أنهنّ حرائر . والخلاصة : فإن الجلباب هو الذي يستر جميع بدن المرأة ، وهو يشبه الملاءة ( الملحفة ) المعروفة في زماننا ، نسأله تعالى الستر والسلامة . { أَدْنَىٰ } : أفعل تفضيل بمعنى أقرب ، من الدّنوّ بمعنى القرب ، يقال : أدناني منه أي قرّبني منه ، وقوله تعالى : { قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ } [ الحاقة : 23 ] أي قريبة المنال ، وتأتي كلمة ( أدنى ) بمعنى أقل ، وقد جُمع المعنيان في قول الشاعر : @ لولا العقول لكان أدنى ضيغم أدنى إلى شرفٍ من الإنسان @@ { غَفُوراً } : أي ساتراً للذنوب ، ماحياً للآثام ، يغفر لمن تاب وأناب ما فرط منه { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ } [ طه : 82 ] . { رَّحِيماً } : يرحم عباده ، ويلطف بهم ، ومن رحمته تعالى أنه لم يكلفهم ما لا يطيقون . المعنى الإجمالي يأمر الله تعالى نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم ، أن يوجه النداء إلى الأمة الإسلامية جمعاء ، بأن تعمل على التمسك بآداب الإسلام ، وإرشاداته الفاضلة ، ونظمه الحكيمة ، التي بها صلاح الفرد وسعادة المجتمع ، وخاصة في أمر اجتماعي هام ، يتعلق بالأسرة المسلمة ، ألا وهو ( الحجاب الشرعي ) الذي فرضه الله على المرأة المسلمة ، ليصون لها كرامتها ، ويحفظ عليها عفافها ، ويحميها من النظرات الجارحة ، والكلمات اللاذعة ، والنفوس المريضة ، والنوايا الخبيثة ، التي يُكِنّها الفسّاق من الرجال للنساء غير المحتشمات ، فيقول الله تعالى ما معناه . يا أيها النبي بلّغ أوامر الله إلى عباده المؤمنين ، وابدأ بنفسك فمر زوجاتك أمهات المؤمنين الطاهرات ، وبناتك الفضليات الكريمات أن يرتدين الجلباب الشرعي ، وأن يحتجبن عن أنظار الرجال ، ليكنّ قدوة لسائر النساء ، في التعفّف ، والتستّر ، والاحتشام ، حتى لا يطمع فيهن فاسق ، أو ينال من كرامتهن فاجر ، وأمُر سائر نساء المؤمنين ، أن يلبسن الجلباب السابغ ، الذي يستر محاسنهنّ وزينتهنّ ، ويدفع عنهنّ ألسنة السوء ، وأمُرْهنّ كذلك أن يغطين وجوههنّ وأجسامهن بجلابيبهن ، ليميّزن عن الإماء والقينات ، فلا يكنّ هدفاً للمغرضين ، وليكنّ بعيدات عن التشبه بالفواجر ، فلا يتعرض لهن إنسان بسوء ، فذلك أقرب إلى أن يعرفن بالعفة والتصون ، فلا يطمع فيهن من في قلبه مرض ، { وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً } يغفر لمن امتثل أمره ، رحيماً بعباده حيث لا يشرّع لهم إلا ما فيه خيرهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة . سبب النزول روى المفسّرون في سبب نزول هذه الآية الكريمة ، أنّ الحرة والأمة كانتا تخرجان ليلاً لقضاء الحاجة في الغيطان ، وبين النخيل ، من غير تمييز بين الحرائر والإماء ، وكان في المدينة فسّاق ، لا يزالون على عاداتهم في الجاهلية يتعرضون للإماء ، وربّما تعرضوا للحرائر ، فإذا قيل لهم يقولون : حسبناهنّ إماءً . فأمرت الحرائر أن يخالفن الإماء في الزيّ فيتسترن ليحتشمن ويُهَبْن فلا يطمع فيهن ذوو القلوب المريضة ، فأنزل الله { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَٰجِكَ … } الآية . وقال ابن الجوزي : " سبب نزولها أن الفسّاق كانوا يؤذون النساء إذا خرجن بالليل ، فإذا رأوا المرأة عليها قناع تركوها وقالوا : هذه حرّة ، وإذا رأوها بغير قناع قالوا : أمة ، فآذوها ، فنزلت هذه الآية : قاله السدي " . وجوه الإعراب 1 - قوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ … } أيّ : منادى ، والهاء للتنبيه ، و { ٱلنَّبِيُّ } صفة لـ { أَيُّ } قال ابن مالك : وأيّها مصحوبَ أل بعدُ صفة . 2 - قوله تعالى : { قُل لأَزْوَٰجِكَ … } قلْ : أمر ، و { يُدْنِينَ } مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة ، وجملة { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ } مقول القول في محل جزم جواب الطلب . 3 - قوله تعالى : { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ } أي بأن يُعْرفن مجرور بحرف جر محذوف ، واسم الإشارة مبتدأ ، وما بعده خبر ، والتقدير : ذلك أقرب بمعرفتهنّ أنهنّ حرائر ، والله أعلم . لطائف التفسير اللطيفة الأولى : بدأ الله تعالى بنساء الرسول صلى الله عليه وسلم وبناته في الأمر بـ ( الحجاب الشرعي ) وذلك للإشارة إلى أنهنّ قدوة لبقية النساء فعليهن التمسك بالآداب الشرعية ليقتدي بهنّ سائر النساء ، والدعوة لا تثمر إلاّ إذا بدأ الداعي بها في نفسه وأهله ، ومن أحقّ من ( بيت النبوة ) بالتمسك بالآداب والفضائل ؟ وهذا هو السرُّ في تقديمهنَّ في الخطاب في قوله تعالى : { قُل لأَزْوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ } . اللطيفة الثانية : الأمر بالحجاب إنما جاء بعد أن استقرّ أمر الشريعة على وجوب ( ستر العورة ) ، فلا بدّ أن يكون الستر المأمور به هنا زائداً على ما يجب من ستر العورة ، ولهذا اتفقت عبارات المفسّرين على - اختلاف ألفاظها - على أن المراد بالجلباب : الرداء الذي تستر به المرأة جميع بدنها فوق الثياب ، وهو ما يسمّى في زماننا بـ ( الملاءة ) أي الملحفة ، وليس المراد ستر العورة كما ظنّ بعض الناس . اللطيفة الثالثة : في هذا التفصيل والتوضيح ( أزواجك ، بناتك ، نساء المؤمنين ) ردّ صريح على الذين يزعمون أن الحجاب إنما فرض على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، فإنّ قوله تعالى { وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } يدل دلالة قاطعة على أنّ جميع نساء المؤمنين مكلفات بالحجاب ، وأنهن داخلات في هذا الخطاب العام الشامل ، فكيف يزعمون أن الحجاب لم يفرض على المرأة المسلمة ؟ ! اللطيفة الرابعة : أمرُ الحرائر بالتستّر ليُميّزن عن الإماء ، قد يفهم منه أنّ الشارع أهمل أمر الإماء ، ولم يبال بما ينالهن من الإيذاء ، وتعرّض الفُسّاق لهن ، فكيف يتفق هذا مع حرص الإسلام على طهارة المجتمع ؟ والجواب : أنّ الإماء بطبيعة عملهن ، يكثر خروجهنّ وتردّدهن في الأسواق ، لقضاء الحاجات وخدمة سادتهن ، فإذا كُلّفن بلبس الجلباب السابغ كلمَّا خرجن ، كان في ذلك حرج ومشقة عليهنّ ، وليس كذلك الحرائر لأنهن مأمورات بالاستقرار في البيوت { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } [ الأحزاب : 33 ] وعدم الخروج إلاّ عند الحاجة ، فلم يكن عليهن من الحرج والمشقة في التستر ما على الإماء ، وقد وردت الآية السابقة { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ } [ الأحزاب : 58 ] وهي تتوعد المؤذين بالعذاب الأليم ، وهذا يشمل الحرائر والإماء . اللطيفة الخامسة : قوله تعالى : { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ } فيه ذكر للعلة أي ( الحكمة ) التي فُرض من أجلها الحجاب ، والأحكامُ الشرعية كلها مشروعة لحكمة وجمهورُ المفسّرين على أن المراد من قوله تعالى : { أَن يُعْرَفْنَ } أي يعرفن أنهنّ حرائر ويميزن عن الإماء . وقد اختار ( أبو حيان ) وجهاً آخر غير الوجه الذي سلكه الجمهور ، فجعل الأمر بالحجاب موجهاً إلى جميع النساء ، سواء منهن ( الحرائر والإماء ) وفسّر قوله تعالى : { أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ } أي يعرفن بالعفة والتستر والصيانة ، فلا يطمع فيهنّ أهل السوء والفساد ، وإليك نصّ كلامه كما في " البحر المحيط " : " والظاهر أن قوله تعالى : { وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } يشمل الحرائر والإماء ، والفتنةُ بالإماء أكثر لكثرة تصرفهنّ بخلاف الحرائر ، فيحتاج إخراجهنّ من عموم النساء إلى دليل واضح . وقوله : { أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ } أي يعرفن لتسترهنّ بالعفة فلا يُتعرض لهن ، ولا يلقين بما يكرهن ، لأنّ المرأة إذا كانت في غاية التستّر والانضمام لم يقدم عليها ، بخلاف المتبرجة فإنها مطموع فيها " . وهو رأي تبدو عليه مخايل الجودة ، والدقة في الاستنباط . وما اختاره ( أبو حيان ) هو الذي نختاره لأنه يحقّق غرض الإسلام في التستّر والصيانة والله أعلم . الأحكام الشرعية الحكم الأول : هل يجب الحجاب على جميع النساء ؟ يدل ظاهر الآية الكريمة على أنّ الحجاب مفروض على جميع المؤمنات ( المكلفات شرعاً ) وهنّ : ( المسلمات ، الحرائر ، البالغات ) لقوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ … } الآية . فلا يجب الحجاب على الكافرة لأنها لا تكلّف بفروع الإسلام ، وقد أمرنا أن نتركهم وما يدينون ، ولأنّ ( الحجاب ) عبادة لما فيه من امتثال أمر الله عزّ وجلّ ، فهو بالنسبة للمسلمة كفريضة الصلاة والصيام ، فإذا تركته المسلمة جحوداً فهي ( كافرة ) مرتدة عن الإسلام ، وإذا تركته - تقليداً للمجتمع الفاسد - مع اعتقادها بفرضيته فهي ( عاصية ) مخالفة لتعاليم القرآن { وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ } [ الأحزاب : 33 ] . وغير المسلمة - وإن لم تُؤمر بالحجاب - لكنّها لا تُترك تفسد في المجتمع ، وتتعرّى أمام الرجل ، وتخرج بهذه الميوعة والانحلال الذي نراه في زماننا ، فإنّ هناك ( آداباً اجتماعية ) يجب أن تُراعى ، وتطبّق على الجميع ، وتستوي فيها المسلمة وغير المسلمة حماية للمجتمع ، وذلك من السياسات الشرعية التي تجب على الحاكم المسلم . وأمّا الإماء فقد عرفتَ ما فيه من أقوال للعلماء ، وقد ترجّح لديك رأي العلاّمة ( أبي حيّان ) : في أنّ الأمر بالستر عام يشمل الحرائر والإماء ، وهذا ما يتفق مع روح الشريعة في صيانة الأعراض ، وحماية المجتمع ، من التفسخ والانحلال الخلقي ، وأمّا البلوغ فهو شرط التكليف كما تقدم . أقول : يطلب من المسلم أن يعوّد بناته منذ سنّ العاشرة على ارتداء الحجاب الشرعي حتى لا يصعب عليهن بعدُ ارتداؤه ، وإن لم يكن الأمر على وجه ( التكليف ) وإنما هو على وجه ( التأديب ) قياساً على أمر الصلاة ( مُروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع ) . الحكم الثاني : ما هي كيفية الحجاب ؟ أمر الله المؤمنات بالحجاب وارتداء الجلباب صيانة لهنّ وحفظاً ، وقد اختلف أهل التأويل في كيفية هذا التستر على أقوال : أ - فأخرج ابن جرير الطبري عن ابن سيرين أنه قال : ( سألتُ عَبيدةَ السّلماني ) عن هذه الآية { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّ } فرفع مِلْحفة كانت عليه فتقنّع بها ، وغطّى رأسه كلّه حتى بلغ الحاجبين ، وغطّى وجهه وأخرج عينه اليسرى من شقّ وجهه الأيسر . ب - وروى ابن جرير وأبو حيّان عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : ( تلوي الجلباب فوق الجبين ، وتشدّه ثمّ تعطفه على الأنف ، وإن ظهرت عيناها ، لكنّه يستر الصدر ومعظم الوجه ) . جـ - وروي عن السّدي في كيفيته أنه قال : ( تغطّي إحدى عينيها وجبهتها ، والشقّ الآخر إلا العين ) . قال أبو حيّان : " وكذا عادة بلاد الأندلس لا يظهر من المرأة إلاّ عينها الواحدة " . د - وأخرج عبد الرزاق وجماعة عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت : " لما نزلت هذه الآية { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّ } خرج نساء الأنصار كأنّ على رؤوسهنّ الغُربان من أكسية سودٍ يلبسنها " . الحكم الثالث : هل يجب على المرأة ستر وجهها ؟ تقدّم معنا في سورة النور أنّ المرأة منهية عن إبداء زينتها إلا للمحارم { وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَآئِهِنَّ … } [ النور : 31 ] الآية ولمّا كان الوجه أصل الزينة ، ومصدر الجمال والفتنة ، لذلك كان ستره ضرورياً عن الأجانب ، والذين قالوا إن الوجه ليس بعورة اشترطوا ألاّ يكون عليه شيء من الزينة كالأصباغ والمساحيق التي توضع عادة للتجمّل ، وبشرط أمن الفتنة ، فإذا لم تؤمن الفتنة فيحرم كشفه . وممّا لا شك فيه أن الفتنة في هذا الزمان غير مأمونة ، لذا نرى وجوب ستر الوجه حفاظاً على كرامة المسلمة ، وقد ذكرنا بعض الحجج الشرعية على وجوب ستره في بحث ( بدعة كشف الوجه ) من سورة النور ، ونزيد هنا بعض أقوال المفسّرين في وجوب ستر الوجه . طائفة من أقوال المفسّرين في وجوب ستر الوجه أولاً : قال ابن الجوزي في قوله تعالى : { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّ } أي يغطين رؤوسهنّ ووجوههنّ ليعلم أنهن حرائر ، والمراد بالجلابيب : الأردية قاله ابن قتيبة . ثانياً : وقال أبو حيّان في " البحر المحيط " : وقوله تعالى : { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّ } شامل لجميع أجسادهن ، أو المراد بقوله { عَلَيْهِنَّ } أي على وجوههنّ ، لأنّ الذي كان يبدو منهنّ في الجاهلية هو الوجه . ثالثاً : وقال أبو السعود : الجلباب : ثوب أوسع من الخمار ودون الرداء ، تلويه المرأة على رأسها وتبقي منه ما ترسله على صدرها ، ومعنى الآية : أي يغطين بها وجوههنّ وأبدانهنّ إذا برزن لداعية من الدواعي . وعن السّدي : تغطّي إحدى عينيها وجبهتها والشق الآخر إلا العين . رابعاً : وقال أبو بكر الرازي : وفي هذه الآية { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّ } دلالة على أنّ المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجنبيين . وإظهار الستر والعفاف عند الخروج لئلا يطمع فيهن أهل الريب . خامساً : وفي " تفسير الجلالين " : الجلابيب جمع جلباب ، وهي الملاءة التي تشتمل بها المرأة ، قال ابن عباس : أمر نساء المؤمنين أن يغطّين رؤوسهنّ ووجوههنّ بالجلابيب إلاّ عيناً واحدة ليعلم أنهن حرائر . سادساً : وفي " تفسير الطبري " : عن ابن سيرين أنه قال : " سألت عبيدة السلماني عن قوله تعالى : { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّ } فرفع ملحفة كانت عليه فتقنّع بها وغطّى رأسه كله حتى بلغ الحاجبين ، وغطّى وجهه وأخرج عينه اليسرى من شق وجهه الأيسر ، وروي مثل ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما " وقد تقدّم الحديث سابقاً . فهذا وأمثاله كثير من أقوال مشاهير المفسّرين ، يدل دلالة واضحة على وجوب ستر الوجه وعدم كشفه أمام الأجانب ، اللهم إلاّ إذا كان الرجل خاطباً ، أو كانت المرأة في حالة إحرام بالحج ، فإنه وقت عبادة والفتنة مأمونة ، فلا يقاس على هذه الحالة كما يفعل بعض الجهلة اليوم ، حيث يقولون : إذا جاز لها أن تكشف عن وجهها في حالة الإحرام فمعناه أنه يجوز لها أن تكشف في غيره من الأوقات لأن الوجه ليس بعورة ، فهذا كلام من لم يفقه شريعة الإسلام . ومن درس حياة السلف الصالح ، وما كان عليه النساء الفضليات - نساء الصحابة والتابعين - وما كان عليه المجتمع الإسلامي في عصره الذهبي من التستر ، والتحفظ ، والصيانة عرف خطأ هذا الفريق من الناس ، الذين يزعمون أن الوجه لا يجب ستره بل يجب كشفه ، ويدعون المرأة المسلمة أن تسفر عن وجهها بحجة أنه ليس بعورة ، لأجل أن يتخلصوا من الإثم - بزعمهم - في كتم العلم ، وما دروا أنها مكيدة دبّرها لهم أعداء الدين ، وفتنة من أجل التدرج بالمرأة المسلمة إلى التخلص من الحجاب الشرعي ، الذي عمل له الأعداء زمناً طويلاً ، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون . الحكم الرابع : ما هي شروط الحجاب الشرعي ؟ يشترط في الحجاب الشرعي بعض الشروط الضرورية وهي كالآتي : أولاً : أن يكون الحجاب ساتراً لجميع البدن لقوله تعالى : { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّ } . وقد عرفت معنى ( الجلباب ) وهو الثوب السابغ الذي يستر البدن كله ، ومعنى ( الإدناء ) وهو الإرخاء والسدل فيكون الحجاب الشرعي ما ستر جميع البدن . ثانياً : أن يكون كثيفاً غير رقيق ، لأنّ الغرض من الحجاب السترُ ، فإذا لم يكن ساتراً لا يسمّى حجاباً لأنه لا يمنع الرؤية ولا يحجب النظر ، وفي حديث عائشة أنّ ( أسماء بنت أبي بكر ) دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق ، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم … الحديث . ثالثاً : ألاّ يكون زينة في نفسه ، أو مبهرجاً ذا ألوان جذابة يلفت الأنظار لقوله تعالى : { وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا … } [ النور : 31 ] الآية ومعنى { مَا ظَهَرَ مِنْهَا } أي بدون قصد ولا تعمد ، فإذا كان في ذاته زينة فلا يجوز ارتداؤه ، ولا يسمى ( حجاباً ) لأن الحجاب هو الذي يمنع ظهور الزينة للأجانب . رابعاً : أن يكون فضفاضاً غير ضيّق ، لا يشفّ عن البدن ، ولا يجسّم العورة ، ولا يظهر أماكن الفتنة في الجسم ، وفي " صحيح مسلم " عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " صنفان من أهل النار لم أرهما : قومٌ معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساءٌ كاسيات عاريات ، مميلات مائلات ، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنّة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا " . وفي رواية أخرى : وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام . " رواه مسلم " . ومعنى قوله عليه السلام : " كاسيات عاريات " أي كاسيات في الصورة عاريات في الحقيقة ، لأنهنّ يلبسن ملابس لا تستر جسداً ، ولا تخفي عورة ، والغرض من اللباس السترُ ، فإذا لم يستر اللباس كان صاحبه عارياً . ومعنى قوله : " مميلات مائلات " أي مميلات لقلوب الرجال مائلات في مشيتهن ، يتبخترن بقصد الفتنة والإغراء ، ومعنى قوله : " كأسنمة البخت " أي يصفّفن شعورهن فوق رؤوسهن ، حتى تصبح مثل سنام الجمل ، وهذا من معجزاته عليه السلام . خامساً : ألاّ يكون الثوب معطّراً فيه إثارة للرجال لقوله عليه الصلاة والسلام : " كلّ عينٍ نظرت زانية ، وإنّ المرأة إذا استعطرت فمرّت بالمجلس فهي كذا وكذا يعني زانية " . وفي رواية ( إن المرأة استعطرت فمرّت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية ) . وعن موسى بن يسار قال : " مرّت بأبي هريرة امرأة وريحها تعصف فقال لها : أين تريدين يا أمة الجبار ؟ قالت : إلى المسجد ، قال : وتطيّبتِ ؟ قالت : نعم ، قال : فارجعي فاغتسلي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يقبل الله من امرأة صلاة ، خرجت إلى المسجد وريحها تعصف حتى ترجع وتغتسل " . سادساً : ألاّ يكون الثوب فيه تشبه بالرجال ، أو ممّا يلبسه الرجال لحديث أبي هريرة : ( لعن النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة ، والمرأة تلبس لبسة الرجل ) . وفي الحديث " لعن الله المخنثين من الرجال ، والمترجلات من النساء " أي المتشبهات بالرجال في أزيائهن وأشكالهنّ كبعض نساء هذا الزمان نسأله تعالى السلامة والحفظ . ما ترشد إليه الآيات الكريمة 1 - الحجاب مفروض على جميع نساء المؤمنين وهو واجب شرعي محتّم . 2 - بنات الرسول ونساؤه الطاهرات هنّ الأسوة والقدوة لسائر النساء . 3 - الجلباب الشرعي يجب أن يكون ساتراً للزينة والثياب ولجميع البدن . 4 - الحجاب لم يفرض على المسلمة تضييقاً عليها ، وإنّما تشريفاً لها وتكريماً . 5 - في ارتداء الحجاب الشرعي صيانة للمرأة ، وحماية للمجتمع من ظهور الفساد ، وانتشار الفاحشة . 6 - على المسلمة أن تتمسّك بأوامر الله ، وتتأدب بالآداب الاجتماعية التي فرضها الإسلام . 7 - الله رحيم بعباده يشرع لهم من الأحكام ما فيه خيرهم وسعادتهم في الدارين . حكمة التشريع قد يظن بعض الجهلة أن الحجاب لم يفرضه الإسلام على المرأة المسلمة وأنه من العادات والتقاليد التي ظهرت في العصر العباسي ، وهذا الظن ليس له نصيب من الصحة وهو إن دل فإنما يدل على أحد أمرين : أ - أما الجهل الفاضح بالإسلام وبكتاب الله المبين . ب - وإما الغرض الدفين في قلوب أولئك المتحللين . وأحب أن أكشف الستار لتوضيح الحقيقة حتى لا يلتبس الحق بالباطل ولا يختلط الخبيث بالطيب ، وحتى يظهر الصبح لذي عينين . فما أكثر هؤلاء المضلين في هذا الزمان الذين يزعمون أنهم أرباب المدنية ودعاة التقدمية ! ! وما أشد خطرهم على الأخلاق والمجتمع لأنهم يفسدون باسم الإصلاح ويهدمون باسم البناء ، ويدجلون باسم الثقافة والعلم ، ويزعمون أنهم مصلحون . النصوص الواردة في الحجاب 1 - يقول الله سبحانه : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ } [ الأحزاب : 33 ] الآية . 2 - ويقول جلّ شأنه : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَٱسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ } [ الأحزاب : 53 ] الآية . 3 - ويقول سبحانه مخاطباً نبيه العظيم : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } الآية . 4 - ويقول سبحانه أيضاً : { وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ } [ النور : 31 ] الآية . فمن هذه النصوص الكريمة نعلم أن الحجاب مفروض على المرأة المسلمة بنصوص في كتاب الله قطعية الدلالة ، وليس كما يزعم المتحلّلون أنه من العادات والتقاليد التي أوجبها العصر العباسي … الخ فإن حبل الكذب قصير . ومن خلال هذه الآيات الكريمة نلمح أن الإسلام إنما قصد من وراء فرض الحجاب أن يقطع طرق الشبهات ونزغات الشيطان أن تطوف بقلوب الرجال والنساء وفي ذلك يقول الله سبحانه : { ذٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } [ الأحزاب : 53 ] وهدفه الأول إنما هو صون " الشرف " والمحافظة على " العفة والكرامة " ولا ننسى أن هناك كثيراً من ضعفاء القلوب ومرضى الضمائر يتربصون بالمرأة السوء ليهتكوا عنها ستر الفضيلة والعفاف . ولا يشك عاقل أن تهتك النساء وخلاعتهن هو الذي أحدث ما يسمونه " أزمة الزواج " ذلك لأن كثيراً من الشباب قد أحجموا عن الزواج لأنهم أصبحوا يجدون الطريق معبَّداً لإشباع غرائزهم من غير تعب ولا نصب ، فهم في غنى عن الزواج ، وهذا بلا شك يعرَّض البلاد إلى الخراب والدمار ، وينذر بكارثة لا تبقي ولا تذر ، وليس انتشار الخيانات الزوجية وخراب البيوت إلا أثراً من آثار هذا التبرج الذميم . يقول ( سيّد سابق ) في كتابه " فقه السُنّة " : " إنّ أهم ما يتميّز به الإنسان عن الحيوان اتخاذُ الملابس ، وأدوات الزينة ، يقول الله تعالى : { يَٰبَنِيۤ ءَادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ ذٰلِكَ خَيْرٌ } [ الأعراف : 26 ] . والملابسُ والزينةُ هما مظهران من مظاهر المدنيّة والحضارة ، والتجرّدُ عنهما إنما هو ردّة إلى الحيوانية ، وعودة إلى الحياة البدائية ، وإنّ أعزّ ما تملكه المرأة الشرفُ ، والحياءُ ، والعفافُ ، والمحافظةُ على هذه الفضائل محافظةٌ على إنسانية المرأة في أسمى صورها ، وليس من صالح المرأة ، ولا من صالح المجتمع أن تتخلى المرأة عن الصيانة والاحتشام ، ولا سيّما وأن الغريزة الجنسية هي أعنف الغرائز ، وأشدّها على الإطلاق " . امنعوا الاختلاط … وقيّدوا حرية المرأة وتحت هذا العنوان نشرت صحيفة ( الجمهورية ) بالقاهرة مقالاً لصحفية أمريكية تدعى ( هيلسيان ستانسبري ) قالت هذه الكاتبة الأمريكية بعد أن مكثت شهراً في الجمهورية العربية ما نصه : " إنّ المجتمع العربي مجتمع كامل وسليم ، ومن الخليق بهذا المجتمع أن يتمسك بتقاليده التي تقيّد الفتاة والشاب في حدود المعقول ، وهذا المجتمع يختلف عن المجتمع الأوروبي والأمريكي ، فعندكم تقاليد موروثة تحتّم تقييد المرأة وتحتّم احترام الأب والأم ، وتحتّم أكثر من ذلك عدم " الإباحيّة الغربية " التي تهدّد اليوم المجتمع والأسرة في أوروبا وأمريكا . إن القيود التي يفرضها المجتمع العربي على الفتاة صالحة ونافعة ، لهذا أنصح بأن تتمسكوا بتقاليدكم وأخلاقكم ، وامنعوا الاختلاط ، وقيّدوا حرية الفتاة ، بل ارجعوا إلى عصر الحجاب ، فهذا خير لكم من إباحية وانطلاق ومجون أوروبا وأمريكا . امنعوا الاختلاط فقد عانينا منه في أمريكا الكثير ، لقد أصبح المجتمع الأمريكي مجتمعاً معقداً ، مليئاً بكل صور الإباحية والخلاعة ، وإنَّ ضحايا الاختلاط والحرية قبل سنّ العشرين ، يملأون السجون والأرصفة ، والبارات والبيوت السرية ؛ إن الحرية التي أعطيناها لفتياتنا وأبنائنا الصغار ، قد جعلت منهم عصابات أحداث ، وعصابات ( جميس دين ) وعصابات للمخدّرات والرقيق . إن الاختلاط ، والإباحية ، والحرية في المجتمع الأوروبي والأمريكي هدّد الأسر ، وزلزل القيم والأخلاق ، فالفتاة الصغيرة - تحت سن العشرين - في المجتمع الحديث ، تخالط الشبان ، وترقص ، وتشرب الخمر ، وتتعاطى المخدرات باسم المدنية والحرية والإباحية … وهي تلهو وتعاشر من تشاء تحت سمع عائلتها وبصرها ، بل وتتحدى والديها ، ومدرّسيها ، والمشرفين عليها … تتحدّاهم باسم الحرية والاختلاط ، تتحداهم باسم الإباحية والانطلاق ، تتزوّج في دقائق ، وتطلّق بعد ساعات ، ولا يكلّفها أكثر من إمضاء وعشرين قرشاً وعرّيس ليلة . أقول : هذا رأي الكاتبة الأمريكية والفضل ما شهدت به الأعداء … ! وصدق الله : { وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ … } [ الأحزاب : 33 ] .