Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 24-24)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا } أكثرَ الناسُ الكلام في هذه الآية حتى ألفوا فيها التآليف ، فمنهم مُفْرِط ومفرّط ، وذلك أن منهم من جعل همّ المرأة وهمّ يوسف من حيث الفعل الذي أرادته ، وذكروا في ذلك روايات من جلوسه بين رجليها ، وحلت التكة وغير ذلك ، مما لا ينبغي أن يقال به لضعف نقله ، ولنزاهة الأنبياء عن مثله ، ومنهم من جعل أنها همت به لتضربه على امتناعه وهمّ بها ليقتلها أو يضربها ليدفعها وهو بعيد ، يرده قوله : لولا أن رأى برهان ربه ، ومنهم من جعل همها به من حيث مرادها وهمه بها ليدفعها ، وهذا أيضاً بعيد ، لاختلاف سياق الكلام ، والصواب إن شاء الله : إنها همت به من حيث مرادها وهمّ بها كذلك ، لكنه لم يعزم على ذلك ، ولم يبلغ إلى ما ذكر من حل التكة وغيرها ؛ بل كان همه خطرة خطرت على قلبه لم يطعها ولم يتابعها ، ولكنه بادر بالتوبة والإقلاع عن تلك الخطرة حتى محاها من قلبه لما رأى برهان ربه ، ولا يقدح هذا في عصمة الأنبياء لأن الهمّ بالذنب ليس بذنب ولا نقص عليه في ذلك ، فإنه من همَّ بذنب ثم تركه كتبت له حسنة { لَوْلاۤ أَن رَّأَى بُرْهَٰنَ رَبِّهِ } جوابه محذوف تقديره : لولا أن رأى برهان ربه لخالطها ، وإنما حذف لأن قوله همّ بها يدل عليه ، وقد قيل : إن " هم بها " هو الجواب ، وهذا ضعيف لأن جواب لولا لا يتقدم عليها ، واختلف في البرهان الذي رآه ، فقيل ناداه جبريل يا يوسف أتكون في ديوان الأنبياء وتفعل فعل السفهاء ، وقيل : رأى يعقوب ينهاه ، وقيل : تفكر فاستبصر ، وقيل : رأى زليخا غطت وجه صنم لها حياء منه ، فقال : أنا أولى أن أستحي من الله { كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ } الكاف في موضع نصب متعلقة بفعل مضمر ، التقدير : ثبتناه مثل ذلك التثبيت ، أو في موضع رفع تقديره : الأمر مثل ذلك { ٱلسُّوۤءَ وَٱلْفَحْشَآءَ } خيانة سيده والوقوع في الزنا { ٱلْمُخْلَصِينَ } قرئ بفتح اللام حيث وقع أي الذين أخلصهم الله لطاعته ، وبالكسر أي الذي أخلصوا دينهم لله .