Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 126-126)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ بَلَداً } يعني مكة { آمِناً } أي مما يصيب غيره من الخسف والعذاب ، وقيل : آمناً من إغارة الناس على أهله ، لأن العرب كان يغير بعضهم على بعض ، وكانوا لا يتعرضون لأهل مكة ، وهذا أرجح لقوله : { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً } [ القصص : 57 ] ويتخطف الناس من حولهم . فإن قيل : لم قال في البقرة { بَلَداً آمِناً } فعرّف في إبراهيم [ 35 ] ونكّر في البقرة ؟ أجيب عن ذلك بثلاثة أجوبة الجواب الأول : قاله أستاذنا الشيخ أبو جعفر بن الزبير ، وهو أنه تقدّم في البقرة ذكر البيت في قوله : القواعد من البيت ، وذكر البيت يقتضي بالملازمة ذكر البلد الذي هو فيه ، فلم يحتج إلى تعريف ، بخلاف آية إبراهيم ، فإنها لم يتقدم قبلها ما يقتضي ذكر البلد ولا المعرفة به ، فذكره بلام التعريف . الجواب الثاني : قاله السهيلي : وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بمكة حين نزلت آية إبراهيم ، لأنها مكية فلذلك قال فيه : البلد بلام التعريف التي للحضور : كقولك : هذا الرجل ، وهو حاضر ، بخلاف آية البقرة ، فإنها مدنية ، ولم تكن مكة حاضرة حين نزولها ، فلم يعرفها بلام الحضور ، وفي هذا نظر ؛ لأن ذلك الكلام حكاية عن إبراهيم عليه السلام ، فلا فرق بين نزوله بمكة أو المدينة . الجواب الثالث : قاله بعض المشارقة أنه قال : هذا بلداً آمناً قبل أن يكون بلداً ، فكأنه قال اجعل هذا الموضع بلداً آمناً ، وقال : هذا البلد بعد ما صار بلداً . وهذا يقتضي أن إبراهيم دعا بهذا الدعاء مرتين ، والظاهر أنه مرة واحدة حُكي لفظه فيها على وجهين { مَنْ آمَنَ } بدل بعض من كل { وَمَن كَفَرَ } : أي قال الله : وأرزق من كفر ؛ لأن الله يرزق في الدنيا المؤمن والكافر .