Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 159-163)
Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ } أمر محمد صلى الله عليه وسلم في الكتاب التوراة هنا { ٱللاَّعِنُونَ } الملائكة والمؤمنون ، وقيل : المخلوقات إلا الثقلين ، وقيل : البهائم لما يصيبهم من الجدب لذنوب الكاتمين للحق { وَبَيَّنُواْ } : أي شرط في توبتهم أن يبينوا لأنهم كتموا { وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } هم المؤمنون فهو عموم يراد به الخصوص ، لأن المؤمنين هم الذين يعتد بلعنهم للكافرين ، وقيل يلعنهم جميع الناس { خَٰلِدِينَ فِيهَا } أي في اللعنة ، وقيل في النار { وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ } من أنظر إذا أخر ، أي لا يؤخرون عن العذاب ولا يمهلون أو من نظر لقوله : " لا ينظر إليهم " إلاّ أن يتعدّى بإلى { وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَٰحِدٌ } الواحد له ثلاثة معان كلها صحيحة في حق الله تعالى : أحدها : أنه لا ثاني له فهو نفي للعدد ، والآخر : أنه لا شريك له ، والثالث : أنه لا يتبعض ولا ينقسم ، وقد فسر المراد به هنا في قوله ؛ لا إلٰه إلاّ هو . واعلم أن توحيد الخلق لله تعالى على ثلاث درجات الأولى : توحيد عامة المسلمين وهو الذي يعصم النفس من الهلك في الدنيا ، وينجي من الخلود في النار في الآخرة ، وهو نفي الشركاء والأنداد ، والصاحبة والأولاد ، والأشباه والأضداد . الدرجة الثانية : توحيد الخاصة ، وهو أن يرى الأفعال كلها صادرة من الله وحده ويشاهد ذلك بطريق المكاشفة لا بطريق الاستدلال الحاصل لكل مؤمن ، وإنما مقام الخاص في التوحيد يغني في القلب بعلم ضروري لا يحتاج إلى دليل ، وثمرة هذا العلم الانقطاع إلى الله والتوكل عليه وحده واطراح جميع الخلق ، فلا يرجو إلا الله ، ولا يخاف أحداً سواه إذ ليس يرى فاعلاً إلاّ إياه ويرى جميع الخلق في قبضة القهر ليس بيدهم شيء من الأمر ، فيطرح الأسباب وينبذ الأرباب ، والدرجة الثالثة : ألا يرى في الوجود إلا الله وحده فيغيب عن النظر إلى المخلوقات ، حتى كأنها عنده معدومة . وهذا الذي تسميه الصوفية مقام الفناء بمعنى الغيبة عن الخلق حتى أنه قد يفنى عن نفسه ، وعن توحيده : أي يغيب عن ذلك باستغراقه في مشاهدة الله .