Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 19-19)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَوْ كَصَيِّبٍ } عطف على الذي استوقد ، والتقدير : أو كصاحب صيب ، أو للتنويع ؛ لأن هذا مثل آخر ضربه الله للمنافقين ، والصيب : المطر ، وأصله صيوب ، ووزنه فعيل ، وهو مشتق من قولك صاب يصوب ، وفي قوله : { مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } إشارة إلى قوته وشدّة انصبابه ، قال ابن مسعود : إنّ رجلين من المنافقين هربا إلى المشركين ، فأصابهما هذا المطر وأيقنا بالهلاك ، فعزما على الإيمان ، ورجعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحسن إسلامهما ، فضرب الله ما أنزل فيهما مثلاً للمنافقين ، وقيل : المعنى تشبيه المنافقين في حيرتهم في الدين وفي خوفهم على أنفسهم بمن أصابه مطر فيه ظلمات ورعد وبرق ، فضلّ عن الطريق وخاف الهلاك على نفسه ، وهذا التشبيه على الجملة ، وقيل : إن التشبيه على التفصيل ، فالمطر مثل للقرآن أو الإسلام ، والظلمات مثل لما فيه من الإشكال على المنافقين ، والرعد مثل لما فيه من الوعيد والزجر لهم ، والبرق مثل لما فيه من البراهين الواضحة ، فإن قيل : لم قال رعد وبرق بالإفراد ، ولم يجمعه كما جمع ظلمات ؟ فالجواب : أن الرعد والبرق مصدران ، والمصدر لا يجمع ، ويحتمل أن يكونا اسمين وجمعهما لأنهما في الأصل مصدران { يَجْعَلُونَ أَصَٰبِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِم مِّنَ ٱلصَّوَٰعِقِ } أي من أجل الصواعق ، قال ابن مسعود : كانوا يجعلون أصابعهم في آذانهم ، لئلا يسمعوا القرآن في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم . فهو على هذا حقيقة في المنافقين ، والصواعق على هذا ما يكرهون من القرآن والموت هو ما يتخوفونه فهما مجازان ، وقيل : لإنه راجع لأصحاب المطر المشبه بهم فهو حقيقة فيهم ، والصواعق على هذا حقيقة ، وهي التي تكون من المطر من شدة الرعد ، ونزول قطعة نار والموت أيضاً حقيقة . وقيل : إنه راجع للمنافقين على وجه التشبيه لهم في خوفهم بمن جعل أصابعهم في آذانه ؛ من شدة الخوف من المطر والرعد ، فإن قيل : لم قال أصابعهم ولم يقل أناملهم والأنامل هي التي تجعل في الآذان ؟ فالجواب : أن ذكر الأصابع أبلغ لأنها أعظم من الأنامل ، ولذلك جمعها مع أن الذي يجعل في الآذان السبابة خاصة { وٱللَّهُ مُحِيطٌ بِٱلْكَٰفِرِينَ } أي لا يفوتونه ؛ بل هم تحت قهره ، وهو قادر على عقابهم .