Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 229-232)
Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِ } بيان لعدد الطلاق الذي يرتجع منه دون زوج آخر ، وقيل : بيان لعدد الطلاق الذي يجوز إيقاعه ، وهو طلاق السنة { فَإِمْسَاكٌ } ارتجاع ، وهو مرفوع بالابتداء أو بالخبر { بِمَعْرُوفٍ } حسن المعاشرة وتوفية الحقوق { أَوْ تَسْرِيحٌ } هو تركها حتى تنقضي العدة فتبين منه { بِإِحْسَٰنٍ } المتعة ، وقيل : التسريح هنا الطلقة الثالثة بعد الاثنتين ، وروي في ذلك حديث ضعيف وهو بعيد ؛ لأن قوله تعالى بعد ذلك { فَإِنْ طَلَّقَهَا } هو الطلقة الثالثة ، وعلى ذلك يكون تكراراً ، والطلقة الرابعة لا معنى لها { وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ } الآية : " نزلت بسبب ثابت بن قيس : اشتكت منه امرأته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها : أتردّين عليه حديقته ، قالت : نعم فدعاه فطلقها على ذلك " وحكمها على العموم . وهو خطاب للأزواج في حكم الفدية ، وهي الخلع ، وظاهرها أنه : لا يجوز الخلع إلاّ إذا خاف الزوجان { أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ } وذلك إذا ساء ما بينهما وقبحت معاشرتهما . ثم إن المخالعة على أربعة أحوال : الأول : أن تكون من غير ضرر من الزوج ولا من الزوجة : فأجازه مالك وغيره لقوله تعالى : { فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ } الآية [ النساء : 4 ] ومنعها قوم لقوله تعالى : { إِلاَّ أَن يَخَافَآ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ } ، والثاني : أن يكون الضرر منهما جميعاً فمنعه مالك في المشهور لقوله تعالى : { وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَآ آتَيْتُمُوهُنَّ } [ النساء : 19 ] وأجازه الشافعي لقوله تعالى : { إِلاَّ أَن يَخَافَآ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ } والثالث : أن يكون الضرر من الزوجة خاصة ، فأجازه الجمهور لظاهر هذه الآية ، والرابع : أن يكون الضرر من الزوج خاصة : فمنعه الجمهور لقوله تعالى : { وَإِنْ أَرَدْتُّمُ ٱسْتِبْدَالَ زَوْجٍ } الآية [ النساء : 20 ] وأجازه أبو حنيفة مطلقاً ، وقوله في ذلك مخالف للكتاب والسنة { فَإِنْ خِفْتُمْ } خطاب للحكام والمتوسطين في هذا الأمر { فَإِنْ طَلَّقَهَا } هذه هي الطلقة الثالثة بعد الطلقتين المذكورتين في قوله : الطلاق مرتان { حَتَّىٰ تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ } أجمعت الأئمة على أن النكاح هنا هو العقد مع الدخول والوطء ، لقوله صلى الله عليه وسلم للمطلقة ثلاثاً حين أرادت الرجوع إلى مطلقها قبل أن يمسها الزوج الآخر : لا ، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك وروي عن سعيد بن المسيب أن العقد يحلها دون وطء ، وهو قول مرفوض لمخالفته للحديث ، وخرقه للإجماع ، وإنما تحل عند مالك إذا كان النكاح صحيحاً لا شبهة فيه ، والوطء مباحاً في غير حيض ولا إحرام ولا اعتكاف ولا صيام ، خلافاً لابن الماجشون في الوطء غير المباح ، وأما نكاح المحلل فحرام ، ولا يحل الزوجة لزوجها عند مالك ، خلافاً لأبي حنيفة والمعتبر في ذلك نية المحلل لا نية المرأة ، ولا المحلل له ، وقال قوم : من نوى التحليل منهم أفسد { فَإِنْ طَلَّقَهَا } يعني هذا الزوج الثاني { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَآ } أي على الزوجة والزوج الأول { أَن يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ } أي أوامره فيما يجب من حقوق الزوجة { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ } الآية خطاب للأزواج ، وهي نهي عن أن يطول الرجل العدة على المرأة مضارة منه لها ، بل يرتجع قرب انقضاء العدة ، ثم يطلق بعد ذلك ، ومعنى { فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } في هذا الموضع : قاربن انقضاء العدّة ، وليس المراد انقضاؤها ، لأنه ليس بيده إمساك حينئذٍ ، ومعنى { أَمْسِكُوهُنَّ } راجعوهنّ { بِمَعْرُوفٍ } هنا قبل : هو الإشهاد وقيل : النفقة { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ } الآية : هذه الأخرى خطاب للأولياء ، وبلوغ الأجل هنا : انقضاء العدّة { فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ } أي لا تمنعوهن { أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ } أي : يراجعن الأزواج الذين طلقوهن ، قال السهيلي : نزلت في معقل بن يسار كان له أخت ، فطلقها زوجها ثم أراد مراجعتها وأرادت هي مراجعته ، فمنعها أخوها ، وقيل : نزلت في جابر بن عبد الله وذلك ؛ أنّ رجلاً طلق أخته وتركها حتى تمت عدتها ، ثم أراد مراجعتها فمنعها جابر وقال : تركتها وأنت أملك بها ، لا زَوَّجْتُكها أبداً ، فنزلت الآية ، والمعروف هنا : العدل ، وقيل : الإشهاد ، وهذه الآية تقتضي ثبوت حق الولي في نكاح وليته ؛ خلافاً لأبي حنيفة { ذٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ } خطاباً للنبي صلى الله عليه وسلم ، ولكل واحد على حدته ، ولذلك وحد ضمير الخطاب { ذٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ } خطاباً للمؤمنين والإشارة إلى ترك العضل ، ومعنى أزكى أطيب للنفس ، ومعنى أطهر : أي للدين والعرض .