Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 259-259)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَوْ كَٱلَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ } تقديره : أو رأيت مثل الذي ، فحذف لدلالة ألم تر عليه ؛ لأنّ كلتيهما كلمتا تعجب ، ويجوز أن يحمل على المعنى كأنه يقول : أرأيت كالذي حاج إبراهيم ، أو كالذي مرّ على قرية وهذا المارّ قيل إنه عزير ، وقيل الخضر ، فقوله : { أَنَّىٰ يُحْيِـى هَـٰذِهِ ٱللَّهُ } ليس إنكاراً للبعث ولا استبعاداً ولكنه استعظام لقدرة الذي يحيي الموتى ، أو سؤال عن كيفية الإحياء وصورته ، لا شك في وقوعه ، وذلك مقتضى كلمة أنّى فأراه الله ذلك عياناً ؛ ليزداد بصيرة ، وقيل : بل كان كافراً وقالها إنكاراً للبعث واستبعاداً ، فأراه الله الحياة بعد الموت في نفسه ، وذلك أعظم برهان { وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا } أي خالية من الناس ، وقال السدّي : سقطت سقوفها وهي العروش ، ثم سقطت الحيطان على السقف { أَنَّىٰ يُحْيِـي هَـٰذِهِ ٱللَّهُ } ظاهر هذا اللفظ إحياء هذه القرية بالعمارة بعد الخراب ، ولكن المعنى إحياء أهلها بعد موتهم ؛ لأنّ هذا الذي يمكن فيه الشك والإنكار ؛ ولذلك أراه الله الحياة بعد موته ، والقرية كانت بيت المقدس لما أخربها بختنصر ، وقيل : قرية الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف { كَمْ لَبِثْتَ } سؤال على وجه التقرير { قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ } استقل مدّة موته ، قيل : أماته الله غدوة يوم ثم بعثه قبل الغروب من يوم آخر بعد مائة عام ؛ فظنّ أنه يوم واحد ، ثم رأى بقية من الشمس فخاف أن يكذب في قوله : يوماً فقال : أو بعض يوم { فَٱنْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ } قيل كان طعامه تيناً وعنباً وأنّ شرابه كان عصيراً ولبناً { لَمْ يَتَسَنَّهْ } معناه : لم يتغير ، بل بقي على حاله طول مائة عام ، وذلك أعجوبة إلهية ، واللفظ يحتمل أن يكون مشتقاً من السنة ، لأنّ لامها هاء ، فتكون الهاء في يتسنه أصلية . أي لم يتغير السنون ويحتمل أن يكون مشتقاً من قولك تسنن الشيء إذا فسد ، ومنه الحمأ المسنون ، ثم قلبت النون حرف علة كقولهم : قصيت أظفاري ، ثم حذف حرف العلة للجازم ، والهاء على هذا هاء السكت { وَٱنْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ } قيل : بقي حماره حياً طول المائة عام ، دون علف ولا ماء ، وقيل : مات ثم أحياه الله ، وهو ينظر إليه { وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ } التقدير : فعلنا بك هذا لتكون آية للناس ، وروي أنه قام شاباً على حالته يوم مات فوجد أولاده وأولادهم شيوخاً { وَٱنْظُرْ إِلَى ٱلعِظَامِ } هي عظام نفسه ، وقيل : عظام الحمار على القول بأنه مات { ننشرها } بالراء نحييها ، وقرئ بالزاي ، ومعناه نرفعها للإحياء { قَالَ أَعْلَمُ } بهمزة قطع وضم الميم أي : قال الرجل ذلك اعترافاً ، وقرئ بألف وصل ، والجزم على الأمر أي قال له الملك ذلك .