Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 22-24)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا } هذا برهان على وحدانية الله تعالى ، والضمير في قوله { فِيهِمَآ } للسمٰوات والأرض ، و { إِلاَّ ٱللَّهُ } صفة لآلهة ، و { إِلاَّ } بمعنى غير ، فاقتضى الكلام أمرين : أحدهما نفي كثرة الآلهة ، ووجوب أن يكون الإلٰه واحداً ، والأمر الثاني : أن يكون ذلك الواحد هو الله دون غيره ، ودل على ذلك قوله : { إِلاَّ ٱللَّهُ } ، وأما الأوّل فكانت الآية تدل عليه لو لم تذكر هذه الكلمة ، وقال كثير من الناس في معنى الآية : إنها دليل على التمانع الذي أورده الأصوليون ، وذلك أنا لو فرضنا إلٰهين ، فأراد أحدهما شيئاً وأراد الآخر نقيضه ، فإما أن تنفذ إرادة كل واحد منهما ، وذلك محال ؛ لأن النقيضين لا يجتمعان ، وإما أن لا تنفذ إرادة واحدة منهما ، وذلك أيضاً محال ، لأن النقيضين لا يرتفعان معاً ، ولأن ذلك يؤدّي إلى عجزهما وقصورهما ، فلا يكونان إلٰهين ، وإما أن ينفذ إرادة واحدة منهما دون الآخر ، فالذي تنفذ إرادته هو الإلٰه ، والذي لا تنفذ إرادته ليس بإلٰه ، فالإلٰه واحد . وهذا الدليل إن سلمنا صحته فلفظ الآية لا يطابقه ، بل الظاهر من اللفظ استدلال آخر أصح من دليل التمانع ، وهو أنه لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ، لما يحدث بينهما من الاختلاف والتنازع في التدبير وقصد المغالبة ، ألا ترى أنه لا يوجد ملكان اثنان لمدينة واحدة ، ولا ولّيان لخطة واحدة { لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ } لأنه مالك كل شيء ، والمالك يفعل في ملكه ما يشاء ، ولأنه حكيم ، فأفعاله كلها جارية على الحكمة { وَهُمْ يُسْأَلُونَ } لفقد العلتين { أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً } كرر هذا الإنكار استعظاماً للشرك ، ومبالغة في تقبيحه ، لأن قبله من صفات الله ما يوجب توحيده ، وليناط به ما ذكر بعده من تعجيز المشركين ، وأنهم ليس لهم على الشرك برهان ؛ لا من جهة العقل ، ولا من جهة الشرع . { هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ } تعجيز لهم وقد تكلمنا على هاتوا في [ البقرة : 111 ] { هَـٰذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي } ردّ على المشركين والمعنى هذا الكتاب الذي معي ، والكتب التي من قبلي ليس فيهما ما يقتضي الإشراك بالله ، بل كلها متفقة على التوحيد .