Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 12-14)
Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ } اختلف هل يعني آدم ، أو جنس بني آدم { مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ } السلالة : هي ما يسل من الشيء : أي ما يستخرج منه ، ولذلك قيل إنها الخلاصة ، والمراد بها هنا : القطعة التي أخذت من الطين وخلق منها آدم ، فإن أراد بالإنسان آدم : فالمعنى أنه خلق من تلك السلالة المأخوذة من الطين ، ولكن قوله بعد هذا { ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً } لا بدّ أن يراد به بنو آدم ، فيكون الضمير يعود على غير من ذكر أولاً ، ولكن يفسره سياق الكلام ، وإن أراد بالإنسان ابن آدم فيستقيم عود الضمير عليه ، ويكون معنى خلقه من سلالة من طين : أي خلق أصله وهو أبوه آدم ويحتمل عندي أن يراد بالإنسان الجنس الذي يعم آدم وذريته ، فأجمل ذكر الإنسان أولاً ثم فصله بعد ذلك إلى الخلقة المختصة بآدم : وهي من طين ، وإلى الخلقة المختصة بذريته . وهي النطفة ، فإن قيل : ما الفرق بين من ومن ؟ فالجواب على ما قال الزمخشري : أن الأولى للابتداء ، والثانية للبيان . كقوله من الأوثان { فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ } يعني رحم الأمّ ، ومعنى { مَّكِينٍ } : متمكن وذلك في الحقيقة من صفة النطفة المستقرّة ، لا من صفة المحل المستقرّ فيه ، ولكنه كقولك طريق سائر : أي يسير الناس فيه ، وقد تقدّم تفسير النطفة والمضغة والعلقة في أول الحج { خَلْقاً آخَرَ } قيل : هو نفخ الروح فيه ، وقيل : خروجه إلى الدنيا ، وقيل : استواء الشباب وقيل على العموم من نفخ الروح فيه إلى موته { فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ } هو مشتق من البركة ، وقيل : معناه تقدس { أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } أي أحسن الخالقين خلقاً ، فحذف التمييز لدلالة الكلام عليه ، وفسر بعضهم الخالقين بالمقدّرين ، فراراً من وصف المخلوق بأنه خالق ، ولا يجب أن ينفي عن المخلوق أنه خالق بمعنى صانع كقوله : { وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ ٱلطِّينِ } [ المائدة : 110 ] وإنما الذي يجب أن ينفي عنه معنى الاختراع ، والإيجاد من العدم ، فهذا هو الذي انفرد الله به .